صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > المقالات

الخبر الصحافي في القرآن والسنة

شاءت إرادة الباري عز وجل أن يرضى الإسلام ديناً للبشر كافة، وأن ينزل عليهم كتاباً هادياً منيراً يبين لهم الحقائق، ويرشدهم إلى طريق النور والهدى، ويهديهم إلى جادة الحق والصواب،

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-11-2013 ~ 09:59 AM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي الخبر الصحافي في القرآن والسنة
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012






الخبر الصحافي في القرآن والسنة 1221863472.jpg

شاءت إرادة الباري عز وجل أن يرضى الإسلام ديناً للبشر كافة، وأن ينزل عليهم كتاباً هادياً منيراً يبين لهم الحقائق، ويرشدهم إلى طريق النور والهدى، ويهديهم إلى جادة الحق والصواب، ويحذرهم من السير في دروب المعاصي والفساد، وأنزل سبحانه وتعالى فيه جملة من المعاملات التي تنظم للناس أمور حياتهم، وشؤون معيشتهم، ودعمها بالأوامر التي تحضهم على التحلي بمكارم الأخلاق وفضائل الأعمال، وبين لهم فيه ما يهمهم من أمور دينهم وعقيدتهم، حتى يصبح ارتباطهم بهذه العقيدة ارتباطاً قوياً متيناً لا تزول أواصره ولا تفك عراه.

والقرآن الكريم كتاب هداية وإرشاد، وتربية وتعليم ودعوة إلى الطريق القويم، لكننا لا نعدم وجود إشارات مهمة في البيان الإلهي تناولت جوانب إعلامية مختلفة، وأدت وظائف وغايات ذات أهمية بالغة، وعلى الرغم من أنه اتفق مع وسائل الإعلام في التوجيه للإنسان واتخاذه ميداناً للعمل، فإنه يختلف عنها في سعة مساحة العمل، ودائرة التوجيه، وهي قبل ذلك لا تدانيه في الغاية والنتيجة، كما يختلف عنها في المصدر والمضمون (1).

ويعد الخبر الصحافي حجر الأساس في الصحافة، ومنه تتفرع جميع الفنون الصحافية الأخرى، كالتحليل الإخباري، والتقرير الإخباري، والمقال، كما يعد الأساس الذي قام عليه كل من الخبر الإذاعي والخبر التلفزيوني.
والخبر قديم قدم البشرية، فمنذ أن وجد البشر على ظهر البسيطة وهم يتناقلون الأخبار فيما بينهم، ويتداولون في لقاءاتهم واجتماعاتهم أخبار كل منهم، عن صيده، ورزقه، وعمله، وأسرته، وشؤونه، وقد تطور هذا الشكل البسيط من الأخبار شيئاً فشيئاً، فصار الإنسان ينقل أخبار الآخرين إلى مجتمعه، كما ينقل أخبار مجتمعه إلى من يلتقيهم خارج إطار هذا المجتمع، وبذلك انتقلت الأخبار من المحيط المحلي إلى المحيط الإقليمي وهكذا بدأت الأخبار تنتشر شيئاً فشيئاً، وتتسع دائرة الناقلين لها، والمستمعين إليها.
وعرف العرب قبل الإسلام الكتابة ودونوا بها، وكان أهم ما دونوه، لحسن الحظ، هو ذلك الذي يحمل مضموناً إعلامياً أرادوا بتدوينه أن يكون بذلك شبه وثيقة، وهي هنا وثيقة سياسية أو عسكرية تعني وقف العدوان أو الحرب، أو التعهد بالحماية، أو إبرام حلف بين قبيلة وأخرى.
ولم تكن الدولة الإسلامية عندما قامت في المدينة المنورة في أوائل القرن السابع الميلادي بعيدة عن استخدام الأخبار المطبوعة، فقد استخدم الرسول (صلى الله عليه وسلم) الكتابة الخطية، وما الدستور الذي وضعه بعد هجرته إلى المدينة، والمعروف تاريخياً باسم الصحيفة، بالإضافة إلى رسائله الشريفة إلى ملوك وأمراء عصره إلا نماذج تاريخية لذلك الاستخدام.
وكما كانت هذه الصحيفة دستور مؤاخاة ونظام حياة للدولة الإسلامية الجديدة فإنها أيضاً كانت بمنزلة الإعلام المكتوب عن هذه الدولة، والذي يقوي جبهتها ضد أي خروج عليها (2) كما كان للرسائل المرسلة إلى الأفراد والملوك وزعماء القبائل رجع الصدى المناسب، مما يؤكد نجاحها في الإعلام عن الدين الإسلامي (3).
ومع توسع رقعة الدولة الإسلامية وانتشار الفتوحات ازدادت الرسائل بين الخلفاء المسلمين والملوك والرؤساء، وتم في العصر الأموي إنشاء ديوان الرسائل، وديوان الجند، وكان هذا الأخير يتولى ختم الرسالة المرسلة من الخليفة حتى لا يطلع أحد عليها غير المستقبل لضمان أن الرسالة تسير في اتجاه واحد من المرسل إلى المستقبل دون تغييرات، أو تحريفات، أو تشويش (4).

بين الخبر والنبأ في الكتاب الكريم
وردت مادة خبر ومشتقاتها في سبعة مواضع من القرآن الكريم، في حين وردت مادة (نبأ) ومشتقاتها في 79 موضوعاً.


من ذلك قوله تعالى {إِذْ قَالَ مُوسَى لأهْلِهِ إِنّيَ آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لّعَلّكُمْ تَصْطَلونَ} (النمل: 7).
وتتحدث الآية الكريمة عن رحلة موسى عليه السلام مع زوجته من مدين إلى مصر في ليلة ظلماء، حيث رأى من بعيد ناراً تتأجج وتضطرم فقال لأهله مستبشراً بمعرفة الطريق والاصطلاء بالنار: إني أبصرت ناراً سآتيكم منها بخبر عن الطريق أو آتيكم منها بشعلة نار، تستدفئون بها في هذه الليلة الباردة، وكان الأمر كما قال، فإنه رجع منها بخبر عظيم هو النبوة، واقتبس منها نوراً عظيماً لا ناراً، هو نور الرسالة (5).
ومن أمثلة النبأ قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} (الأعراف: 175).
وهذه الآية نزلت في عالم من علماء بني إسرائيل، وقيل من الكنعانيين، وروي عن ابن عباس أنه رجل من اليمن اسمه بلعم بن باعوراء، أوتي علم بعض كتب الله، فانسلخ منها، وكفر بآيات الله ونبذها وراء ظهره.
والخطاب الإلهي موجه إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن اقرأ على المسلمين خبر الذي علمناه آياتنا، ولكنه لم يعمل بها، وتركها وراءه، وتجرد منها إلى الأبد، فلحقه الشيطان وأدركه وصار له قريناً، وتمكن من الوسوسة له، فأصغى إليه، فصار من الضالين الكافرين، لميله إلى الدنيا واتباع الهوى والشيطان (8).
وهذا المثال أخبر به الباري عز وجل عن حدث وقع في الماضي، وهو حدث معروف لدى اليهود، ليتذكر اليهود ما حدث لذلك الرجل، ويعتبروا بنهايته، ويعلموا أن من أوتي علماً من الكتاب وجب عليه تطبيقه، والالتزام به والعمل بأحكامه، وعدم نبذه وراء الظهور، وإلا فإن العاقبة ستكون وخيمة.
إن الأمثلة التي وردت تبين اهتمام البيان الإلهي بالقصة الإخبارية، وإعطاءها مساحات كبيرة في مواطن شتى من القرآن الكريم. وقد أتت هذه القصص بصيغ متعددة، حاملة أساليب الإعجاز القرآني الخالد، مخبرة تارة عن الأقوام والأمم السابقة، وأخرى عن أحداث آنية تقع في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأحياناً عن أخبار مستقبلية تعد من الغيبيات التي استأثر الباري عز وجل بعلمها، أو أخبر بعضها رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام.
ويرى أحد الباحثين (10) ضرورة عدم إدخال الأخبار الغيبية مثل يوم القيامة وما شابهها في سياق المقارنة بالمصطلح الإعلامي للخبر للأسباب التالية:
1- الغيبيات التي يؤمن بها المسلم هي حقائق ربانية المصدر، ولا تحتمل الخطأ بتاتاً للمسلم، أما الأخبار التي يجمعها البشر فهي تحتمل الخطأ من حيث صدق الخبر كله أو بعض تفاصيله.
2 - في مجال الاتصال البشري ما يعنينا هو الأخبار البشرية المصدر، أما الأخبار الغيبية عند المسلمين فهي خاصة بالمسلمين، ويقابلها في الديانات الأخرى غيبيات مثلها.
3 - إن دراسة الأخبار في الإعلام الإسلامي تهدف إلى تصور عالمي السمة، رغم كونها مستنتجة من المصادر الإسلامية التي يؤمن بمصداقيتها المسلمون فقط.
وكما اهتم القرآن الكريم بالخبر الإعلامي لفظاً وأسلوباً ومعنى وتحريراً وصياغة اهتم النبي (صلى الله عليه وسلم) أيضاً بالخبر الإعلامي، ومارسه بطريقة يجب أن يتعلم منها رجال الإعلام الإسلامي إلى يوم القيامة، فقد أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) عن أشياء وصفات لبعض الناس، كما أخبر عن أشياء ستحدث فيما بعد وصدقها الواقع، هذا فضلاً عن اهتمامه بالأسلوب الإخباري، الذي يبرز في حسن اختياره للألفاظ المناسبة للمستمع أو المستقبل (10).
وقد استفاد الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) من وسائل الإعلام المتاحة في عصره فقام باقتباس بعضها أو تعديل مسارها وتطويرها وتوظيفها لخدمة الدعوة الإسلامية، بعد أن كانت موظفة لبث الخلافات وإثارة القلاقل والفتن بين القبائل العربية.
ومارس الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) العملية الإخبارية بنفسه فكان يعرض نفسه على القبائل في مواسم الحج، ويذهب إلى المناطق المجاورة لمكة ليعرض على أهلها رسالة السماء، ويجمع الناس ويخطب فيهم، ويرسل الرسائل إلى الملوك والزعماء، ويبعث أصحابه إلى القبائل والمدن ليأتوه بالأخبار الصادقة عن سكانها وأحوالهم.
إن ما ذكر عن الأساليب الخبرية في كتاب الله عز وجل، وممارسة النبي (صلى الله عليه وسلم) للعملية الإخبارية، وما ورد عنه من أحاديث نبوية شريفة، يدل على تمتع الخبر في الإعلام الإسلامي بالأسس الفنية المتعارف عليها في الخبر الصحافي حالياً، كالدقة، والصدق، والموضوعية، والمرونة، والشمولية.
وفي ضوء ذلك فإنه يمكن تعريف الخبر في الإعلام الإسلامي بأنه تزويد الجماهير بالحقائق الموضوعية المتعلقة بالأمور الهامة وغير المعروفة مسبقاً بهدف الإفادة الدينية والدنيوية، وذلك باستعمال مختلف الوسائل الحديثة المتطورة والمناسبة (12).
أو هو من وجهة نظر أخرى المعلومات الدقيقة والصادقة التي تصف أو تشرح واقعة جرت وتهم فئة من الفئات أو جماعة من الجماعات التي تعرفها للمرة الأولى (12)

الهوامش
1- سيد محمد ساداتي الشنقيطي: مفاهيم إعلامية من القرآن الكريم، عالم الكتب للنشر والتوزيع، الرياض، ط1، 1406 هـ ـ 1986م، ص43.
2- مرعي مدكور: الإعلام الإسلامي الطباعي في الدول غير الإسلامية في إفريقية، دار المعارف، القاهرة، مصر، د.ت دار الشروق، جدة، ط1408 هـ ـ 1988م ص 37.
3- المرجع نفسه، ص 37.
4- المرجع نفسه، ص 43.
5- وهبة الزحيلي: التفسير المنير، دار الفكر المعاصر، بيروت، دار الفكر، دمشق،ـ ط1، 1411 هـ ـ 1991، ج19، ص263.
6- الزحيلي، ج11، ص 9.
7-- سيد محمد ساداتي الشنقيطي: أصول الإعلام الإسلامي وأسسه، عالم الكتب، الرياض، 1405 هـ ـ 1986م ، ص 7.
8- الزحيلي: ج 9، ص 162.
9- سعيد إسماعيل صيني: مدخل إلى الإعلام الإسلامي، المفهوم والخصائص، دار المسلم، الرياض، 1416 هـ ـ 1991م، ص 205.
10- صيني: ص 205.
11- عبدالوهاب كحيل، الأسس العملية والتطبيقية للإعلام الإسلامي، مكتبة القدسي، 1406 هـ ـ 1986م ص 113.
12- كحيل: ص 117.
13- كرم شلبي: الخبر الصحافي وضوابطه الإسلامية، دار الشروق، جدة، ط1408 هـ ـ 1988م ص 51.



بقلم الكاتب: د.عبدالله بدران

المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصة إسلام الكاتب الصحافي الألماني هنريك برودر نور الإسلام لماذا أسلموا؟؟ 0 09-11-2013 10:15 AM
محمد صل الله عليه وسلم في القرآن والسنة نور الإسلام هدي الإسلام 0 03-05-2013 03:59 PM
أدلة جديدة تثبت تورط المتهم اللبناني في تنصير فتاة الخبر نور الإسلام أخبار منوعة 0 11-02-2013 08:10 AM
150 أجنبيًّا يشهرون إسلامهم بمدينة الخبر السعودية مزون الطيب لماذا أسلموا؟؟ 0 24-10-2012 07:42 AM
أعظم إنسان في القرآن والسنة مزون الطيب كتب ومراجع إسلامية 0 02-02-2012 10:18 PM


الساعة الآن 11:26 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22