مزون الطيب
02-02-2012, 03:42 PM
سب الصحابة ( رضي الله عنهم )
أ.د/ فالح بن محمد الصغير
المشرف العام على شبكة السنة النبوية وعلومها
\" وقفه تأمل \"
لست هنا بصدد الكلام عن فضل الصحابة رضي الله عنهم، أو بيان تعديلهم، أو إيراد الأدلة من القرآن الكريم، والسنة المطهرة عن ذلك الفضل، فهذا أمر مفصّل في القرآن والسنة مما يدركه صغار طلبة العلم من المسلمين، ولكنها وقفات متفرقة مع استئناف الكلام بقدح الصحابة إجمالاً، أو تخصيص بعضهم بالسب والشتم، بل والتجاوز إلى الحكم بأنهم من أهل النار، فلعل في هذه الوقفات – على اختصارها وإيجازها – تذكيراً، وتنبيها، وزيادة معرفة وعلم لمن كان جاهلاً. والله جل وعلا يقول : ( سيذكّر من يخشى ).
الوقفة الأولى:
مما هو متقرر في عقيدة المسلمين أن القرآن الكريم وحي منزّل من عند الله تعالى، على رسوله صلى الله عليه وسلم، ولذا يجب على المسلم أن يؤمن يقيناً بهذا القرآن الكريم، قال تعالى: ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته ) ووصفه الله جل وعلا بأعلى الاوصاف وأعظمها، وصفه بأنه هدى ، ورحمة ، وشفاء، وأنه مبارك، ونبأ عيظم، وموعظة وغيرها قال تعالى : (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) وقال سبحانه: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)، وقال تعالى: (قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور ).
إذا كان ذلك كذلك ألا نؤمن بما قاله تعالى عن صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم في مثل قوله تعالى: (محمد رسول الله، والذين معه أشداء على الكفار، رحماء بينهم، تراهم ركعاً سجداً، يبتغون فضلاً من الله ورضوانا، سيماهم في وجوههم من أثر السجود..) الآية وقوله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه).
وهل فرّقت الأية أو الايات بينهم؟ أو استثنت أحداً منهم لايشمله هذا الفضل؟
الوقفة الثانية:
إن إيماننا بالقرآن الكريم يلزمنا بلاشك بالايمان بما جاء به عن الله تعالى عن ذاته، وأسمائه، صفاته، وأفعاله، وبما قضاه وقدّره، ومن ثمرات هذا الايمان أن لانشك فيمن اختارهم الله جل وعلا لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم. إذ زكّاهم في هذا القرآن وعدّلهم وبيّن فضلهم فمن خالف ذلك فقد بهتهم؛ سبحانك ربي من بهتان عظيم فيما يفترييه هؤلاء الذي جعلوا ألسنتهم وأقلامهم وإعلامهم سيوفاً مسلطة على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم.
هل يصل الأمر – عقلاً – أن نفتح آذاننا وأذهاننا لمن يقدح في صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم، ونصدقّه؟ فمن هو؟ وما تاريخه؟ وما صلاحه؟ وماعلمه؟ وماهو بذله؟ وإنفاقه في سبيل الله؟ بل أين سيفه على العقائد الباطلة،؟ وأين سبابه للأفكار المنحرفه؟ وأين جهاده في ميادين نشر العلم والحق؟ إنها معادلة صعبة.
الوقفه الثالثه:
إن إيماننا بالقرآن الكريم يوجب علينا الثناء كما أثنى سبحانه على عامة الصحابة رضوان الله عليهم، والثناء بخاصة على من خصهّم سبحانه وممن خصّهم الله جل وعلا: أهل بدر، وأهل بيعة الشجرة، ومن آمن من قبل الفتح وهاجر إلى المدينة، والسابقون الأولون، وممن خصّهم جل وعلا أبا بكر رضي الله عنه، وابنته الصديقه عائشة رضي الله عنها في تبرئتها مما رميت به من الافك. وغيرهما.
فهل يسوغ ترك هذا الثناء لنتخبط مع من يتخبط في أعراض الصحابة رضي الله عنهم، بل وفي خواصّهم؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
الوقفة الرابعة:
غني عن القول أن أقول إن الافتراء على الصحابة رضى الله عنهم، هو أحد وسائل أعداء الاسلام للنيل من هذا الدين الذي أنزله الله تعالى على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والسؤال لماذا هذه العداوة لهم؟ والجواب بكل بساطة:
1- أنهم الذين نقلوا إلينا هذا الدين، وروو لنا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الذين أرسوا قواعد الدين بعده، فأبو بكر رضي الله عنه هو الذي جمع القرآن الكريم قبل أن يتفرق، وعمر رضي الله عنه توسعت في عهده رقعة الاسلام، وأرسى سائر النظم للدولة المسلمة، والقدح فيهم قدح في أصول الدين.
2- التشينع على الخليفة الراشد ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه فهو الذي جمع المصاحف على مصحف واحد، وهو الموجود إلى اليوم، والقدح فيه قدح في عمله وهو جمع القرآن، وهذه وسيلة للاتهام فيه بالزيادة أو النقصان، كما جرى وجاري مع بعض الفرق المنتمية للاسلام.
3- التشنيع على المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخاصة: أبو هريرة رضي الله عنه فقد روى أكثر من خمسة آلاف حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورزقه الله قوة الحفظ ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التى روت أكثر من ألفي حديث وبخاصة في أحوال النبي صلى الله عليه وسلم الأسرية حتى روت لنا أدق التفاصيل مما لا يعلمه كثير من الناس عن آبائهم وامهاتهم وغيرهما رضي الله عن الجميع.
فالقدح فيهما قدح فيما نقل إلينا من السنة النبوية:
أرأيتم كيف يشتغل أعداء الاسلام لمحاولة نقضه من أصوله، والتشكيك في كيفية وصوله، وجرح رواته؟
أقول: هذا من وسائلهم منذ أن أشعلوا الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه، وقاد الفتنة عبد الله بن سبأ اليهودي الذي تظاهر بالاسلام فأدّت هذه الفتنة إلى افتراق أهل الاسلام إلى شيع وفرق كان لكل فرقة أصول تختلف عن الأخرى.
الوقفة الخامسة:
إن إيماننا بالقرآن الكريم يجعلنا ندرك أن التشنيع على الصحابة رضي الله عنهم هو طعن صريح بالرسول صلى الله عليه وسلم فمن يطعن بزوجته ويتهمها في عرضها اليس طعناً بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو زوجها؟ ومن يطعن بنقلة الوحي الذي أنزله الله عليه؟ أليس طعناً به لانه لم يختر الصحبة النقية التي تنقل عنه ما أو حاه الله؟
بل هذا طعن بالمولى جل وعلا لان لم يختر لنبيه صلى الله عليه وسلم النقلة الأمناء للوحي، ولانه لم يقدّر الزوجة الصالحة لنبيه صلى الله عليه وسلم؟!!
الوقفة السادسة:
إن هذا التشنيع على الصحابة رضي الله عنهم وسبهم من واحد أو أكثر ليس بدعاً جديداً، ولكنها ضمن سلسلة موجودة في كثير من مراجع هؤلاء، فهي أصل لديهم، وهذا يجعل كل مفكر وكاتب بل وقارئ أن يرجع إلى هذه المراجع التى لم تكن حبيسة مكتبة أو مكتبات بل أصبحت مشاعة في ( النت ) وغيره مما لا يكلفه جهداً كثيراُ في الاطلاع عليه وسيجده مسطراً موضحاً في تلك المراجع التي لم يتبرأ أهلها مما ذكر فيها بل هي محل فخرهم ورجوعهم، فعندما تبرأ عدد منهم من الشخص الذي تطاول على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، تبرأ منه بعضهم ولم يتبرأوا من المقالة، أو المراجع العلمية المحشوة بمثل هذه الأقوال المظلمه.
ولذا فالعاقل هو الذي يدرك ما وصل إليه هؤلاء وأمثالهم من البعد عن الدين الحق، والتلبس بلباسه، والعمل ضده وضد أصوله، وضد أهله، وهذا من الحقائق التى يجب أن تكون معلومه لدى كل مسلم ومسلمة.
الوقفة السابعة:
يفترض بعض الناس كما يلُبسِّ هؤلاء الذين اتخذوا سب الصحابة منهجاً لهم أن هناك تفاصلاً بين الصحابة رضي الله عنهم، وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وافتراض التعارض والتناقض فمن يحب آل البيت – بزعمهم – عليه أن يبغض الصحابة رضي الله عنهم، ومن يحب الصحابة عليه أن يبغض آل البيت رضي الله عن الجميع – حتماً -.
وهذه معادلة افترضوها، وعمقّوها في أتباعهم، والسؤال أين الدليل على هذه الفرضية من القرآن الكريم أو السنة النبوية؟ أرأيت – أخي القارى – كيف تفرض الأفكار ويلبسّ بها على الجهلة.
لكن الذي يكلف نفسه بقراءة تاريخيه مبسطة يدرك أن أهم عناصر القربى: المصاهرة، وإن المصاهرة بين أبي بكر وعمر – وذريتهما – وعثمان -رضي الله عنهم – مع علي رضي الله عنه وذريته وأحفاده من أقوى ما هو موجود وكائن مما لا يستطيع أولئك أن ينكروا بعضه فضلاً عن أن ينكروا وجوده.
فسب الصحابة قد يلزم منه سب آل البيت الذين يزعمون الموالاة لهم. لأنه هؤلاء الصحابة هم أباؤهم وأمهاتهم والقدح في أعراضهم قدح في ذريتهم. وهنا يرد السؤال من الذي يحترم آل البيت وينزلهم منزلتهم من الاحترام الحق، والمنزلة؟!!
الوقفة الثامنة:
وبعد: فإن إيماننا بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يوجب علينا في هذا الخصوص مايلي:-
1- الايمان بما جاء فيهما على أن حق لامرية فيه، فلا نؤمن ببعض ونكفر ببعض، ولا نحرف آياته أو نؤلها على غير ما وضعت له.
2- معرفة ما للصحابة والآل رضي الله عنهم أجمعين، الذين اختارهم المولى لصحبة نبيه، وأزواجاً لبناته، أوامهات المؤمنين الذي سماهم الله كذلك، وجعل لهن هذه المنزلة، أقول معرفة مالهم من الحقوق والواجبات والقيام بها. وعدم التفريق بين الآل والأصحاب وإشاعة هذه المعادلة المفتعلة.
3- التبرؤ من كل من تبرأ منه الله تعالى في القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم في السنة، ومن ذلك: البراءة ممن يعادي الآل والأصحاب أو يسبهم، أو يقدح في منزلتهم.
4- الوعي بمكر أعداء الاسلام قديماً وحديثاً، ومن أشدهّ ما يدسه من يتسمى باسم الاسلام، أو ينتمي إلى فرقة تقدح في القرآن الكريم أو الرسول صلى الله عليه وسلك، أو سنته، أو الخلفاء الراشدين، أو سائر الصحابة أجمعين أو امهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.
5- معرفة تلك المذاهب والفرق التى تتزيا بزي الاسلام وهي منه براء لأجل ألا يخدع بهم طالب الحق.
6- التحصين بالايمان بالله تعالى، والعلم النافع واقتناء السنة، واتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم قدوة، والاهتداء بالعلماء العالمين العاملين الربانيين كما أمر الله بذلك.
7- السؤال عما يشكل، والتجرد لطلب الحق.
8- الدعاء بالثبات على الدين، ولقاء الله تعالى عليه، وعدم الزيغ والانحراف، وكثيراً ماكان عليه الصلاة والسلام يدعو بالثبتات مثل: (يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).
الوقفة الأخيرة: دعوة لمن ينتمي لتلك الفرق، أو يدعولها أو يكافح عنها، أويسلم بأقوال تلك المرجعيات مع ما يخالفها من القرآن الكريم صراحة.
أقول دعوة لهم بما يلي:-
1- سؤال الله تعالى أن يريهم الحق حقاً فيتبعونه، ويريهم الباطل باطلاً ليجتنبوه.
2- سؤال الله الهداية إلى الطريق المستقيم.
3- طلب علم القرآن الكريم، والتأمل فيه، وإعمال العقل كما ندب الله تعالى إلى ذلك كثيراً بمخاطبته لأولي العقول في مثل: (لعلكم تعقلون) (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) (يا أولي الالباب) (أفلا يذكرون) (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).
وعدم التسليم المطلق لما قالت المراجع شفوياً أو مكتوباً ولا يكن الانسان كالكفار الذين قالوا: (إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون) فالسؤال والمناقشة والمذاكرة طريق التعلم.
4- ليسأل كل نفسه :-
أ. هل الاسلام دين تقليد وتبعية أم دين عقل وانتاج؟
ب.هل الاسلام دين سباب وشتائم أم دين تآخي ورحمة؟
ت.هل الاسلام دين نياحة وحزن أم دين تفاؤل واستبشار؟
ث.هل الاسلام دين تكاسل وخمول أم دين عمل وانتاج؟
ج. هل الاسلام دين ضرب بالسياط واخراج الدماء أم دين دعوة إلى نشر الخير والفضيلة، والنمو؟
ح. هل العبودية لله سبحانه هي في النياحة على الاموات، وسب الآخرين، وأكل أموال الناس بالباطل، والاتباع القهري للاسياد أم العبودية لله تعالى خضوع وخشوع وتذلل له وحده لا شريك؟
خ. هل المحاسبة يوم القيامة على ما فرضة المولى جل وعلا أو ما فرضته المراجع من سباب وشتائم وتسلط..الخ.
هذه الاسئلة التى يحقق من خلالها الجواب الحق الذي يلقى الله عليه.
5- القراءة والتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرة الكبار من الآل والاصحاب فلا يشك أحد أن القراءة سبيل من سبل التعليم والوصول إلي الحق.
6- وماذا بعد سب الصحابة رضي الله عنهم؟ هل يعلوا شأن الدين؟ وهل تعم الرحمة والاخاء بين المسلمين؟ وهل ينتصر المسلمون على اعدائهم؟ وهل يبدعوا في مناطق الابداع؟ اسئلة مهمة لمن يؤمن بهذا المرجعيات.
* * *
تلك وقفات أردت بها البيان والاعذار ولم أرد التفصيل فذلك في مظانه لمن أراد الرجوع إليها، وأسأل الله تعالى أن يرزقنا الاخلاص في الاقوال والاعمال واقتفاء سيرة سيد الانام، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه إنه ولي ذلك والقادر عليه..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن،،
أ.د/ فالح بن محمد الصغير
المشرف العام على شبكة السنة النبوية وعلومها
\" وقفه تأمل \"
لست هنا بصدد الكلام عن فضل الصحابة رضي الله عنهم، أو بيان تعديلهم، أو إيراد الأدلة من القرآن الكريم، والسنة المطهرة عن ذلك الفضل، فهذا أمر مفصّل في القرآن والسنة مما يدركه صغار طلبة العلم من المسلمين، ولكنها وقفات متفرقة مع استئناف الكلام بقدح الصحابة إجمالاً، أو تخصيص بعضهم بالسب والشتم، بل والتجاوز إلى الحكم بأنهم من أهل النار، فلعل في هذه الوقفات – على اختصارها وإيجازها – تذكيراً، وتنبيها، وزيادة معرفة وعلم لمن كان جاهلاً. والله جل وعلا يقول : ( سيذكّر من يخشى ).
الوقفة الأولى:
مما هو متقرر في عقيدة المسلمين أن القرآن الكريم وحي منزّل من عند الله تعالى، على رسوله صلى الله عليه وسلم، ولذا يجب على المسلم أن يؤمن يقيناً بهذا القرآن الكريم، قال تعالى: ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته ) ووصفه الله جل وعلا بأعلى الاوصاف وأعظمها، وصفه بأنه هدى ، ورحمة ، وشفاء، وأنه مبارك، ونبأ عيظم، وموعظة وغيرها قال تعالى : (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) وقال سبحانه: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين)، وقال تعالى: (قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور ).
إذا كان ذلك كذلك ألا نؤمن بما قاله تعالى عن صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم في مثل قوله تعالى: (محمد رسول الله، والذين معه أشداء على الكفار، رحماء بينهم، تراهم ركعاً سجداً، يبتغون فضلاً من الله ورضوانا، سيماهم في وجوههم من أثر السجود..) الآية وقوله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه).
وهل فرّقت الأية أو الايات بينهم؟ أو استثنت أحداً منهم لايشمله هذا الفضل؟
الوقفة الثانية:
إن إيماننا بالقرآن الكريم يلزمنا بلاشك بالايمان بما جاء به عن الله تعالى عن ذاته، وأسمائه، صفاته، وأفعاله، وبما قضاه وقدّره، ومن ثمرات هذا الايمان أن لانشك فيمن اختارهم الله جل وعلا لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم. إذ زكّاهم في هذا القرآن وعدّلهم وبيّن فضلهم فمن خالف ذلك فقد بهتهم؛ سبحانك ربي من بهتان عظيم فيما يفترييه هؤلاء الذي جعلوا ألسنتهم وأقلامهم وإعلامهم سيوفاً مسلطة على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم.
هل يصل الأمر – عقلاً – أن نفتح آذاننا وأذهاننا لمن يقدح في صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم، ونصدقّه؟ فمن هو؟ وما تاريخه؟ وما صلاحه؟ وماعلمه؟ وماهو بذله؟ وإنفاقه في سبيل الله؟ بل أين سيفه على العقائد الباطلة،؟ وأين سبابه للأفكار المنحرفه؟ وأين جهاده في ميادين نشر العلم والحق؟ إنها معادلة صعبة.
الوقفه الثالثه:
إن إيماننا بالقرآن الكريم يوجب علينا الثناء كما أثنى سبحانه على عامة الصحابة رضوان الله عليهم، والثناء بخاصة على من خصهّم سبحانه وممن خصّهم الله جل وعلا: أهل بدر، وأهل بيعة الشجرة، ومن آمن من قبل الفتح وهاجر إلى المدينة، والسابقون الأولون، وممن خصّهم جل وعلا أبا بكر رضي الله عنه، وابنته الصديقه عائشة رضي الله عنها في تبرئتها مما رميت به من الافك. وغيرهما.
فهل يسوغ ترك هذا الثناء لنتخبط مع من يتخبط في أعراض الصحابة رضي الله عنهم، بل وفي خواصّهم؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
الوقفة الرابعة:
غني عن القول أن أقول إن الافتراء على الصحابة رضى الله عنهم، هو أحد وسائل أعداء الاسلام للنيل من هذا الدين الذي أنزله الله تعالى على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والسؤال لماذا هذه العداوة لهم؟ والجواب بكل بساطة:
1- أنهم الذين نقلوا إلينا هذا الدين، وروو لنا سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الذين أرسوا قواعد الدين بعده، فأبو بكر رضي الله عنه هو الذي جمع القرآن الكريم قبل أن يتفرق، وعمر رضي الله عنه توسعت في عهده رقعة الاسلام، وأرسى سائر النظم للدولة المسلمة، والقدح فيهم قدح في أصول الدين.
2- التشينع على الخليفة الراشد ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه فهو الذي جمع المصاحف على مصحف واحد، وهو الموجود إلى اليوم، والقدح فيه قدح في عمله وهو جمع القرآن، وهذه وسيلة للاتهام فيه بالزيادة أو النقصان، كما جرى وجاري مع بعض الفرق المنتمية للاسلام.
3- التشنيع على المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخاصة: أبو هريرة رضي الله عنه فقد روى أكثر من خمسة آلاف حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورزقه الله قوة الحفظ ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التى روت أكثر من ألفي حديث وبخاصة في أحوال النبي صلى الله عليه وسلم الأسرية حتى روت لنا أدق التفاصيل مما لا يعلمه كثير من الناس عن آبائهم وامهاتهم وغيرهما رضي الله عن الجميع.
فالقدح فيهما قدح فيما نقل إلينا من السنة النبوية:
أرأيتم كيف يشتغل أعداء الاسلام لمحاولة نقضه من أصوله، والتشكيك في كيفية وصوله، وجرح رواته؟
أقول: هذا من وسائلهم منذ أن أشعلوا الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه، وقاد الفتنة عبد الله بن سبأ اليهودي الذي تظاهر بالاسلام فأدّت هذه الفتنة إلى افتراق أهل الاسلام إلى شيع وفرق كان لكل فرقة أصول تختلف عن الأخرى.
الوقفة الخامسة:
إن إيماننا بالقرآن الكريم يجعلنا ندرك أن التشنيع على الصحابة رضي الله عنهم هو طعن صريح بالرسول صلى الله عليه وسلم فمن يطعن بزوجته ويتهمها في عرضها اليس طعناً بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو زوجها؟ ومن يطعن بنقلة الوحي الذي أنزله الله عليه؟ أليس طعناً به لانه لم يختر الصحبة النقية التي تنقل عنه ما أو حاه الله؟
بل هذا طعن بالمولى جل وعلا لان لم يختر لنبيه صلى الله عليه وسلم النقلة الأمناء للوحي، ولانه لم يقدّر الزوجة الصالحة لنبيه صلى الله عليه وسلم؟!!
الوقفة السادسة:
إن هذا التشنيع على الصحابة رضي الله عنهم وسبهم من واحد أو أكثر ليس بدعاً جديداً، ولكنها ضمن سلسلة موجودة في كثير من مراجع هؤلاء، فهي أصل لديهم، وهذا يجعل كل مفكر وكاتب بل وقارئ أن يرجع إلى هذه المراجع التى لم تكن حبيسة مكتبة أو مكتبات بل أصبحت مشاعة في ( النت ) وغيره مما لا يكلفه جهداً كثيراُ في الاطلاع عليه وسيجده مسطراً موضحاً في تلك المراجع التي لم يتبرأ أهلها مما ذكر فيها بل هي محل فخرهم ورجوعهم، فعندما تبرأ عدد منهم من الشخص الذي تطاول على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، تبرأ منه بعضهم ولم يتبرأوا من المقالة، أو المراجع العلمية المحشوة بمثل هذه الأقوال المظلمه.
ولذا فالعاقل هو الذي يدرك ما وصل إليه هؤلاء وأمثالهم من البعد عن الدين الحق، والتلبس بلباسه، والعمل ضده وضد أصوله، وضد أهله، وهذا من الحقائق التى يجب أن تكون معلومه لدى كل مسلم ومسلمة.
الوقفة السابعة:
يفترض بعض الناس كما يلُبسِّ هؤلاء الذين اتخذوا سب الصحابة منهجاً لهم أن هناك تفاصلاً بين الصحابة رضي الله عنهم، وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وافتراض التعارض والتناقض فمن يحب آل البيت – بزعمهم – عليه أن يبغض الصحابة رضي الله عنهم، ومن يحب الصحابة عليه أن يبغض آل البيت رضي الله عن الجميع – حتماً -.
وهذه معادلة افترضوها، وعمقّوها في أتباعهم، والسؤال أين الدليل على هذه الفرضية من القرآن الكريم أو السنة النبوية؟ أرأيت – أخي القارى – كيف تفرض الأفكار ويلبسّ بها على الجهلة.
لكن الذي يكلف نفسه بقراءة تاريخيه مبسطة يدرك أن أهم عناصر القربى: المصاهرة، وإن المصاهرة بين أبي بكر وعمر – وذريتهما – وعثمان -رضي الله عنهم – مع علي رضي الله عنه وذريته وأحفاده من أقوى ما هو موجود وكائن مما لا يستطيع أولئك أن ينكروا بعضه فضلاً عن أن ينكروا وجوده.
فسب الصحابة قد يلزم منه سب آل البيت الذين يزعمون الموالاة لهم. لأنه هؤلاء الصحابة هم أباؤهم وأمهاتهم والقدح في أعراضهم قدح في ذريتهم. وهنا يرد السؤال من الذي يحترم آل البيت وينزلهم منزلتهم من الاحترام الحق، والمنزلة؟!!
الوقفة الثامنة:
وبعد: فإن إيماننا بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يوجب علينا في هذا الخصوص مايلي:-
1- الايمان بما جاء فيهما على أن حق لامرية فيه، فلا نؤمن ببعض ونكفر ببعض، ولا نحرف آياته أو نؤلها على غير ما وضعت له.
2- معرفة ما للصحابة والآل رضي الله عنهم أجمعين، الذين اختارهم المولى لصحبة نبيه، وأزواجاً لبناته، أوامهات المؤمنين الذي سماهم الله كذلك، وجعل لهن هذه المنزلة، أقول معرفة مالهم من الحقوق والواجبات والقيام بها. وعدم التفريق بين الآل والأصحاب وإشاعة هذه المعادلة المفتعلة.
3- التبرؤ من كل من تبرأ منه الله تعالى في القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم في السنة، ومن ذلك: البراءة ممن يعادي الآل والأصحاب أو يسبهم، أو يقدح في منزلتهم.
4- الوعي بمكر أعداء الاسلام قديماً وحديثاً، ومن أشدهّ ما يدسه من يتسمى باسم الاسلام، أو ينتمي إلى فرقة تقدح في القرآن الكريم أو الرسول صلى الله عليه وسلك، أو سنته، أو الخلفاء الراشدين، أو سائر الصحابة أجمعين أو امهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين.
5- معرفة تلك المذاهب والفرق التى تتزيا بزي الاسلام وهي منه براء لأجل ألا يخدع بهم طالب الحق.
6- التحصين بالايمان بالله تعالى، والعلم النافع واقتناء السنة، واتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم قدوة، والاهتداء بالعلماء العالمين العاملين الربانيين كما أمر الله بذلك.
7- السؤال عما يشكل، والتجرد لطلب الحق.
8- الدعاء بالثبات على الدين، ولقاء الله تعالى عليه، وعدم الزيغ والانحراف، وكثيراً ماكان عليه الصلاة والسلام يدعو بالثبتات مثل: (يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).
الوقفة الأخيرة: دعوة لمن ينتمي لتلك الفرق، أو يدعولها أو يكافح عنها، أويسلم بأقوال تلك المرجعيات مع ما يخالفها من القرآن الكريم صراحة.
أقول دعوة لهم بما يلي:-
1- سؤال الله تعالى أن يريهم الحق حقاً فيتبعونه، ويريهم الباطل باطلاً ليجتنبوه.
2- سؤال الله الهداية إلى الطريق المستقيم.
3- طلب علم القرآن الكريم، والتأمل فيه، وإعمال العقل كما ندب الله تعالى إلى ذلك كثيراً بمخاطبته لأولي العقول في مثل: (لعلكم تعقلون) (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) (يا أولي الالباب) (أفلا يذكرون) (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).
وعدم التسليم المطلق لما قالت المراجع شفوياً أو مكتوباً ولا يكن الانسان كالكفار الذين قالوا: (إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون) فالسؤال والمناقشة والمذاكرة طريق التعلم.
4- ليسأل كل نفسه :-
أ. هل الاسلام دين تقليد وتبعية أم دين عقل وانتاج؟
ب.هل الاسلام دين سباب وشتائم أم دين تآخي ورحمة؟
ت.هل الاسلام دين نياحة وحزن أم دين تفاؤل واستبشار؟
ث.هل الاسلام دين تكاسل وخمول أم دين عمل وانتاج؟
ج. هل الاسلام دين ضرب بالسياط واخراج الدماء أم دين دعوة إلى نشر الخير والفضيلة، والنمو؟
ح. هل العبودية لله سبحانه هي في النياحة على الاموات، وسب الآخرين، وأكل أموال الناس بالباطل، والاتباع القهري للاسياد أم العبودية لله تعالى خضوع وخشوع وتذلل له وحده لا شريك؟
خ. هل المحاسبة يوم القيامة على ما فرضة المولى جل وعلا أو ما فرضته المراجع من سباب وشتائم وتسلط..الخ.
هذه الاسئلة التى يحقق من خلالها الجواب الحق الذي يلقى الله عليه.
5- القراءة والتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرة الكبار من الآل والاصحاب فلا يشك أحد أن القراءة سبيل من سبل التعليم والوصول إلي الحق.
6- وماذا بعد سب الصحابة رضي الله عنهم؟ هل يعلوا شأن الدين؟ وهل تعم الرحمة والاخاء بين المسلمين؟ وهل ينتصر المسلمون على اعدائهم؟ وهل يبدعوا في مناطق الابداع؟ اسئلة مهمة لمن يؤمن بهذا المرجعيات.
* * *
تلك وقفات أردت بها البيان والاعذار ولم أرد التفصيل فذلك في مظانه لمن أراد الرجوع إليها، وأسأل الله تعالى أن يرزقنا الاخلاص في الاقوال والاعمال واقتفاء سيرة سيد الانام، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه إنه ولي ذلك والقادر عليه..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن،،