نور الإسلام
10-01-2012, 06:01 PM
قالــوا: القرآن يشجع على المعاصي من غير الكبائر بقوله: ﴿ وَلِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ` الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾ (النجم: 31-32)، فهذا الوعد الإلهي بالمغفرة لأصحاب الصغائر يغري بها.
والجـواب: أن العلماء اختلفوا في اللمم المعفو عنه على أقوال ذكرها الطبري في تفسيره[1]:
أ. أنها ذنوب الجاهلية يغفرها الله في الإسلام، قال الطبري: " معنى الكلام: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، إلا اللمم الذي ألـمُّوا به من الإثم والفواحش في الجاهلية قبل الإسلام، فإن الله قد عفا لهم عنه، فلا يؤاخذهم به".: (اللَّمة من الزنى، ثم يتوب ولا يعود، واللَّمة من السرقة، ثم يتوب ولا يعود; واللَّمة من شرب الخمر، ثم يتوب ولا يعود، فتلك الإلمام) ، وهذا المعنى مروي عن عامة أصحاب النبي ﷺ، قال الحسن: (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: هذا الرجل يصيب اللمة من الزنا، واللمة من شرب الخمر، فيخفيها فيتوب منها).
ب. أنه ما يلِّم به المرء، أي يصيبه من ذنب صغير أو كبير من غير إصرار عليه، ثم يتوب منه ، قال أبو هريرة رضي الله عنه
ج. أنها صغار الذنوب مما لا يوجب حداً في الدنيا ولا توعد بعقوبته في الآخرة، وقد رجحه الطبري مستدلاً بقوله تعالى: ﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً ﴾ (النساء: 31)، فاجتناب الكبائر سبب في مغفرة الصغائر، لكن هذا أيضاً معلق بالتوبة وعدم الاسترسال في الصغيرة، حتى لا تتحول باستمرائها إلى كبيرة، فقد سأل رجل ابن عباس: كم الكبائر؟ سبعاً هي؟ قال : (هي إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع ، وإنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار)[2].
ولذا حذر القرآن الكريم من الصغائر، وأخبر أن الله يكتب على العبد الصغير من عمله والكبير، فإذا قامت القيامة وجد العبد الجميع بين يديه ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾ (الكهف: 49)، ﴿وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾ (الزلزلة: 8)، ولسوف يحاسب الله العبد المؤمن على هذه الصغائر ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ` فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً ﴾ (الانشقاق: 7-8).
كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الصغائر في مواضع كثيرة، منها قوله: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم»[3]، وقوله: «إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كقوم نزلوا في بطن واد ، فجاء ذا بعود ، وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم ، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه»[4]، وقال صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة إياك ومحقرات الأعمال، فإن لها من الله طالبـاً»[5].
الدكتور منقذ السقار
الهوامش
[1] جامع البيان، الطبري (22/532).
[2] أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/934)، والقضاعي في مسند الشهاب ح (853).
[3] أخرجه البخاري ح (6478)، ومسلم ح (2988).
[4] أخرجه أحمد ح (22301).
[5]أخرجه ابن ماجه ح (4243)، وأحمد ح (23894).
والجـواب: أن العلماء اختلفوا في اللمم المعفو عنه على أقوال ذكرها الطبري في تفسيره[1]:
أ. أنها ذنوب الجاهلية يغفرها الله في الإسلام، قال الطبري: " معنى الكلام: الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، إلا اللمم الذي ألـمُّوا به من الإثم والفواحش في الجاهلية قبل الإسلام، فإن الله قد عفا لهم عنه، فلا يؤاخذهم به".: (اللَّمة من الزنى، ثم يتوب ولا يعود، واللَّمة من السرقة، ثم يتوب ولا يعود; واللَّمة من شرب الخمر، ثم يتوب ولا يعود، فتلك الإلمام) ، وهذا المعنى مروي عن عامة أصحاب النبي ﷺ، قال الحسن: (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: هذا الرجل يصيب اللمة من الزنا، واللمة من شرب الخمر، فيخفيها فيتوب منها).
ب. أنه ما يلِّم به المرء، أي يصيبه من ذنب صغير أو كبير من غير إصرار عليه، ثم يتوب منه ، قال أبو هريرة رضي الله عنه
ج. أنها صغار الذنوب مما لا يوجب حداً في الدنيا ولا توعد بعقوبته في الآخرة، وقد رجحه الطبري مستدلاً بقوله تعالى: ﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً ﴾ (النساء: 31)، فاجتناب الكبائر سبب في مغفرة الصغائر، لكن هذا أيضاً معلق بالتوبة وعدم الاسترسال في الصغيرة، حتى لا تتحول باستمرائها إلى كبيرة، فقد سأل رجل ابن عباس: كم الكبائر؟ سبعاً هي؟ قال : (هي إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع ، وإنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار)[2].
ولذا حذر القرآن الكريم من الصغائر، وأخبر أن الله يكتب على العبد الصغير من عمله والكبير، فإذا قامت القيامة وجد العبد الجميع بين يديه ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾ (الكهف: 49)، ﴿وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾ (الزلزلة: 8)، ولسوف يحاسب الله العبد المؤمن على هذه الصغائر ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ` فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً ﴾ (الانشقاق: 7-8).
كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الصغائر في مواضع كثيرة، منها قوله: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم»[3]، وقوله: «إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كقوم نزلوا في بطن واد ، فجاء ذا بعود ، وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم ، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه»[4]، وقال صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة إياك ومحقرات الأعمال، فإن لها من الله طالبـاً»[5].
الدكتور منقذ السقار
الهوامش
[1] جامع البيان، الطبري (22/532).
[2] أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3/934)، والقضاعي في مسند الشهاب ح (853).
[3] أخرجه البخاري ح (6478)، ومسلم ح (2988).
[4] أخرجه أحمد ح (22301).
[5]أخرجه ابن ماجه ح (4243)، وأحمد ح (23894).