المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شبهة الكلمات الأعجمية فى القرآن


نور الإسلام
10-01-2012, 06:50 PM
قالــوا: تناقض القرآن في قوله بأنه نزل(( بلسان عربي مبين )) (الشعراء: 195)، في حين أنا نجد فيه كلمات أعجمية كأسماء بعض الأعلام (إبراهيم ، إسماعيل، إسحاق)، أو أسماء بعض الأشياء مستعارة من لغات أخرى كالسـريانية والعبرية والنبطية، وأوصلوها إلى ما يقرب من أربعين كلمة، منها (القرآن - سكينة - زكاة- سرادق- الحور- مشكاة- إستبرق- السبت - زنجبيل - سجيل).



والجـواب: نزل القرآن بلسان عربي مبين، لذا لا يوجد في سطر من سطوره جملة واحدة غير عربية ، ولا يوجد جملة واحدة مركبة بما يخالف أساليب العرب وطرائقها في البيان.
إن وجود كلمات فرنسية متفرقة في كتاب مكتوب بالإنجليزية، لن تجعل الكتاب فرنسياً، ولن تشكك في إنجليزية الكتاب ولا الكاتب، وبخاصة حين تكون هذه الكلمات أسماء لأعاجم، فهذه الكلمات تنقل كما هي من لغة إلى أخرى من غير ترجمة معانيها.
ثم إن كثيراً من هذه الكلمات - التي استعجموها- عربية في جذورها واشتقاقاتها، وجهل البعض بها لقلة استخدامها أو غيره لا يعني أعجميتها، ومن ذلك كلمة (قرآن - سكينة - حور)، فكلمة (قرآن) ليست من الكلمة العبرية (?????) كرا، ولا من السريانية (قرُا)، بل هي من الجذر العربي (قرأ)، وهذا التشابه في جذور كلمات اللغات السامية كبير ومعروف عند علماء اللغات، وصوره أكثر من أن تحصى في اللغات السامية، وبسببه أخطأ البعض في نسبة بعض الكلمات العربية الأصيلة إلى لغات أخرى ([1]).
ولو ضربنا لذلك مثلاً بكلمة (قرآن)، فإنا نقول بأنها مشتقة عربية على وزن (فعلان) من (قرأ ، قرآن)، ومثل هذا الاشتقاق كثير في لغة العرب (رحمن - فرقان – رضوان – حيوان – حيران - غضبان).
وكلمة (قرآن) مصدر آخر من الفعل (قرأ)، وهو يختلف في معناه عن المصدر (قراءة)، كما يفترق (رحمن عن رحيم، وفرقان عن فرق، ورضوان عن رضا، وحيوان عن حياة، وحيران عن حائر)، فالمصدر (فعلان) يفيد معنى زائداً ، فالقراءة في أي كتاب هي صورة للقراءة ، أما القرآن فهو حقيقة القراءة، وكذلك (الحياة) تدل على أي صورة من صور الحياة، بينما (الحيوان) تدل على الحياة الحقيقية، لذلك قال الله عن الآخرة: (( وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون )) (العنكبوت: 64)، وكذلك الفرق بين الرضى والرضوان، وبين الفرق والفرقان([2]).
لكن العرب أيضاً استخدمت كلمات وفدت إلى العربية من لغات أخرى، وهي في غالبها تتعلق بمسميات وافدة على العرب، فاستوردها العرب في رحلاتهم إلى الشام وفارس مع أسمائها كـ (سندس ، إستبرق ، زنجبيل)، فأصبحت عربية بالتعريب واستخدام العرب لها، ويشبه هذا استخدامنا اليوم لبعض الكلمات المتعلقة بمصنوعات وفدت إلينا من الغرب، كـ (التلفزيون، الفيديو ، الراديو).
واستعمال العرب ثم القرآن لأمثال هذه الكلمات لن يقلل من عروبة القرآن، فعروبة أساليبه وفصاحة كلماته لم ينكرهما حتى عرب الجاهلية، وهم من هم في الفصاحة والجزالة، وكذلك في الحرص على الوقوف على زلل في القرآن أو خطأ.


كتبه / الدكتور منقذ السقار

الهوامش

([1]) القرآن ولغة السريان، أحمد محمد علي الجمل، (كتاب إلكتروني)، وقد بين الدكتور الجمل أمثلة لهذا المتشابه، ومنه لفظة (الحور)، فتدور معانيها في العربية والعبرية والسـريانية على البياض والصفاء، لكنها كلمة عربية أصيلة استخدمها العرب، ووردت في أشعارهم ، ومن ذلك قول عمرو بن قُميئة:
لَهـا عَـينُ حَـوراءَ في رَوضَــةٍ وَتَقرو مَـعَ النَبتِ أَرطى طِــوالا
وقول خليفة بن بشير:
حتى أضاءَ سِراجٌ دونه حَجَلٌ حُورُ العيونِ مِلاحٌ طرفُها ساجي
([2])انظر : صيغ النسب في اللغتين العربية والسريانية، د.أحمد الجمل، مجلة كلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر، العدد 32 لسنة 2001م، ص (242 ـ 244) ، نقلاً عن كتاب القرآن ولغة السريان، أحمد محمد علي الجمل .

للرجوع الى قسم د منقذ السقار للرد علي الشبهات تنزيه القرآن الكريم عن دعـاوى المبطلين

· منقذ السقار : الله جل جلاله واحد أم ثلاثة