نور الإسلام
08-07-2012, 07:35 AM
محكمة الاستئناف تصدر قرارا لصالح الجمعية المشرفة على بنائه
http://aawsat.com/2012/06/20/images/daily1.682616.jpg
في أوائل 2010 تم وضع حجر الأساس للمسجد لكن الأعمال توقفت عند ذلك الحد بسبب اعتراض أصحاب متاجر قريبة على تخصيص موقف لسيارات المصلين
باريس: «الشرق الأوسط»
أقرت محكمة الاستئناف الإدارية في مرسيليا، جنوب فرنسا، أمس، منح رخصة بناء لتشييد مسجد كبير في المدينة التي تضم أكبر جالية مسلمة في البلاد. وجاء قرار قاضي الاستئناف ليتوج سلسلة من المحاولات العسيرة التي خاضها أصحاب المشروع في ظل إدارات محلية وجهات سعت لعرقلته وكان آخرها إلغاء رخصة البناء في الخريف الماضي، بناء على طلب من محل لبيع «المصارين» قريب من الأرض المخصصة للمشروع. انتظر مسلمو مرسيليا أكثر من 70 عاما قبل أن ينالوا موافقة الدولة على بناء مسجد كبير يتسع لهم ولشعائرهم. فهؤلاء المسلمون الفرنسيون أو المهاجرون يصل عددهم إلى 200 ألف شخص من مجموع 900 ألف هم عدد سكان المدينة. وتعود فكرة بناء مسجدهم إلى عام 1937، أي في عهد العمدة فانسان غيلسر. لكن السنوات والعقود توالت وما زال مسلمو مرسيليا يصلون في مساجد مؤقتة وأماكن لا تليق بهم، والسبب هو تردد السياسيين في إعطاء الضوء الأخضر والتصويت لبناء الجامع الكبير.
بقيت الفكرة تدور ما بين مد وجزر، إلى عام 2006 حين تبنى أعضاء مجلس بلدية مرسيليا قرارا بإعارة قطعة أرض في المدينة، لمدة 99 عاما، لكي تكون موقعا للمسجد مقابل إيجار رمزي لا يتجاوز 300 يورو في العام. وصوت على القرار ممثلو اليمين واليسار وعارضه ممثلو اليمين المتطرف، وخصوصا الحركة القومية الديمقراطية بزعامة برونو ميغريه، أحد الذين كانوا قد انشقوا عن حزب الجبهة الوطنية المتطرف وعن زعيمه جان ماري لوبين، آنذاك.
تقدم ممثلو اليمين المتطرف باعتراض أمام المحكمة الإدارية، معتمدين على القانون الصادر عام 1905 الخاص بإجازة تأسيس الجمعيات. وهو النص الشهير بقانون العلمانية؛ لأنه يفصل في مادته الثانية بين الدين والدولة. وكان الرأي أن الدولة لا تعترف بالتقسيمات العقائدية والمذهبية ولا تقدم لها الدعم المادي. واعتبر المعترضون أن إيجار قطعة الأرض التي سيبنى عليها المسجد لا يتناسب وأسعار سوق العقارات، إلا أن المحكمة الإدارية حكمت لصالح بلدية مرسيليا و«جمعية مسجد مرسيليا»، مع خفض مدة الإيجار إلى 50 عاما ورفع مبلغه إلى 24 ألف يورو في العام. وكانت «جمعية مسجد مرسيليا» قد رأت النور ككيان ينضوي تحت القانون المشار إليه والصادر عام 1905 لتنظيم عمل الجمعيات، أي أنها جمعية لا تبغي الربح وتتولى إدارة مشروع بناء المسجد.
في خريف 2009 ابتهج مسلمو مرسيليا وعموم مسلمي فرنسا بخبر سعيد حظي بتغطية إعلامية واسعة. لقد أصدر عمدة مرسيليا، جان كلود غودان، أخيرا، قرارا بمنح رخصة لبناء المسجد الكبير. وكان غودان نفسه قد عارض الفكرة، في بداية انتخابه رئيسا للبلدية عام 1995، لكنه عاد وغير رأيه لدى إعادة انتخابه، مشترطا التشاور مع كافة ممثلي مسلمي المدينة بمختلف اتجاهاتهم.
تصور الجميع أن المراحل الصعبة قد تم اجتيازها والمعارك القضائية قد انتهت وأصبح بناء المسجد في حكم التنفيذ، وكان التحدي الأهم وهو كيفية تدبير نفقات البناء الذي سيكلف بحسب التقديرات الأولى 22 مليون يورو. وجرت اتصالات أسفرت عن موافقة أكثر من دولة عربية وإسلامية على المساهمة في تمويل مسجد مرسيليا الكبير، وأولها دول المغرب العربي التي ينتمي إليها غالبية مسلمي فرنسا، وكذلك عدد من الدول الخليجية بالإضافة إلى إندونيسيا وماليزيا. هذا مع الأخذ في الاعتبار تبرعات المسلمين المحليين من منح وزكاة.
وحسب قانون 1905 فإن التمويل الأجنبي يجب أن لا يتجاوز 40 في المائة.
تمت تهيئة الخرائط المطلوبة وصرح ماكسيم ريبو، مدير مكتب الهندسة الذي تقرر أن يشرف على تنفيذ المشروع مع مهندسين عرب، إن المسجد سيكون الأكبر في أوروبا، وإن صالة الصلاة فيه صممت لتستقبل 7 آلاف مصل، وإن المئذنة ستبنى على ارتفاع 25 مترا، بالإضافة إلى مطعمين ومدرسة قرآنية ومدرج كبير. أما المبنى كله فسيقوم على مساحة 2400 متر مربع، وسيكون مزيجا من الخرسانة والزجاج الملون والحجر الكرواتي، على غرار نوع الحجر الذي بني منه البيت الأبيض الأميركي، مع الاعتماد على تصاميم العمارة العربية الإسلامية بشكل مميز. ولعل الجديد في المشروع أن المناداة إلى الصلاة ستكون من خلال أشعة ضوئية بدل مكبرات الصوت المعتادة وغير المسموح بها في فرنسا. وفي أوائل 2010 تم وضع حجر الأساس للمسجد لكن الأعمال توقفت عند ذلك الحد بسبب اعتراض أصحاب متاجر قريبة على تخصيص موقف لسيارات المصلين.
وبدل أن يحتفل مسلمو مرسيليا بافتتاح مسجدهم، الذي كان متوقعا هذا العام، واصلت القضية مراوحتها في أروقة المحاكم بسبب الشكوى التي تقدمت بها شركة «المصارين والكرش الشرقية» إلى المحكمة الإدارية في المدينة وطالبت فيها بإلغاء قرار العمدة الصادر قبل 4 سنوات والقرار الذي تلاه، اللذين ينصان على منح المشروع رخصة البناء. وفي الخريف الماضي أصدرت المحكمة قرارها لصالح الشركة المدعية، فقرر القائمون على المشروع استئناف الحكم وحصلوا على حكم جديد لصالح بناء المسجد، أمس، فهل يكون القرار خاتمة المسيرة أم ينقل بيادق اليمين المتطرف الملف إلى محكمة النقض؟
http://aawsat.com/2012/06/20/images/daily1.682616.jpg
في أوائل 2010 تم وضع حجر الأساس للمسجد لكن الأعمال توقفت عند ذلك الحد بسبب اعتراض أصحاب متاجر قريبة على تخصيص موقف لسيارات المصلين
باريس: «الشرق الأوسط»
أقرت محكمة الاستئناف الإدارية في مرسيليا، جنوب فرنسا، أمس، منح رخصة بناء لتشييد مسجد كبير في المدينة التي تضم أكبر جالية مسلمة في البلاد. وجاء قرار قاضي الاستئناف ليتوج سلسلة من المحاولات العسيرة التي خاضها أصحاب المشروع في ظل إدارات محلية وجهات سعت لعرقلته وكان آخرها إلغاء رخصة البناء في الخريف الماضي، بناء على طلب من محل لبيع «المصارين» قريب من الأرض المخصصة للمشروع. انتظر مسلمو مرسيليا أكثر من 70 عاما قبل أن ينالوا موافقة الدولة على بناء مسجد كبير يتسع لهم ولشعائرهم. فهؤلاء المسلمون الفرنسيون أو المهاجرون يصل عددهم إلى 200 ألف شخص من مجموع 900 ألف هم عدد سكان المدينة. وتعود فكرة بناء مسجدهم إلى عام 1937، أي في عهد العمدة فانسان غيلسر. لكن السنوات والعقود توالت وما زال مسلمو مرسيليا يصلون في مساجد مؤقتة وأماكن لا تليق بهم، والسبب هو تردد السياسيين في إعطاء الضوء الأخضر والتصويت لبناء الجامع الكبير.
بقيت الفكرة تدور ما بين مد وجزر، إلى عام 2006 حين تبنى أعضاء مجلس بلدية مرسيليا قرارا بإعارة قطعة أرض في المدينة، لمدة 99 عاما، لكي تكون موقعا للمسجد مقابل إيجار رمزي لا يتجاوز 300 يورو في العام. وصوت على القرار ممثلو اليمين واليسار وعارضه ممثلو اليمين المتطرف، وخصوصا الحركة القومية الديمقراطية بزعامة برونو ميغريه، أحد الذين كانوا قد انشقوا عن حزب الجبهة الوطنية المتطرف وعن زعيمه جان ماري لوبين، آنذاك.
تقدم ممثلو اليمين المتطرف باعتراض أمام المحكمة الإدارية، معتمدين على القانون الصادر عام 1905 الخاص بإجازة تأسيس الجمعيات. وهو النص الشهير بقانون العلمانية؛ لأنه يفصل في مادته الثانية بين الدين والدولة. وكان الرأي أن الدولة لا تعترف بالتقسيمات العقائدية والمذهبية ولا تقدم لها الدعم المادي. واعتبر المعترضون أن إيجار قطعة الأرض التي سيبنى عليها المسجد لا يتناسب وأسعار سوق العقارات، إلا أن المحكمة الإدارية حكمت لصالح بلدية مرسيليا و«جمعية مسجد مرسيليا»، مع خفض مدة الإيجار إلى 50 عاما ورفع مبلغه إلى 24 ألف يورو في العام. وكانت «جمعية مسجد مرسيليا» قد رأت النور ككيان ينضوي تحت القانون المشار إليه والصادر عام 1905 لتنظيم عمل الجمعيات، أي أنها جمعية لا تبغي الربح وتتولى إدارة مشروع بناء المسجد.
في خريف 2009 ابتهج مسلمو مرسيليا وعموم مسلمي فرنسا بخبر سعيد حظي بتغطية إعلامية واسعة. لقد أصدر عمدة مرسيليا، جان كلود غودان، أخيرا، قرارا بمنح رخصة لبناء المسجد الكبير. وكان غودان نفسه قد عارض الفكرة، في بداية انتخابه رئيسا للبلدية عام 1995، لكنه عاد وغير رأيه لدى إعادة انتخابه، مشترطا التشاور مع كافة ممثلي مسلمي المدينة بمختلف اتجاهاتهم.
تصور الجميع أن المراحل الصعبة قد تم اجتيازها والمعارك القضائية قد انتهت وأصبح بناء المسجد في حكم التنفيذ، وكان التحدي الأهم وهو كيفية تدبير نفقات البناء الذي سيكلف بحسب التقديرات الأولى 22 مليون يورو. وجرت اتصالات أسفرت عن موافقة أكثر من دولة عربية وإسلامية على المساهمة في تمويل مسجد مرسيليا الكبير، وأولها دول المغرب العربي التي ينتمي إليها غالبية مسلمي فرنسا، وكذلك عدد من الدول الخليجية بالإضافة إلى إندونيسيا وماليزيا. هذا مع الأخذ في الاعتبار تبرعات المسلمين المحليين من منح وزكاة.
وحسب قانون 1905 فإن التمويل الأجنبي يجب أن لا يتجاوز 40 في المائة.
تمت تهيئة الخرائط المطلوبة وصرح ماكسيم ريبو، مدير مكتب الهندسة الذي تقرر أن يشرف على تنفيذ المشروع مع مهندسين عرب، إن المسجد سيكون الأكبر في أوروبا، وإن صالة الصلاة فيه صممت لتستقبل 7 آلاف مصل، وإن المئذنة ستبنى على ارتفاع 25 مترا، بالإضافة إلى مطعمين ومدرسة قرآنية ومدرج كبير. أما المبنى كله فسيقوم على مساحة 2400 متر مربع، وسيكون مزيجا من الخرسانة والزجاج الملون والحجر الكرواتي، على غرار نوع الحجر الذي بني منه البيت الأبيض الأميركي، مع الاعتماد على تصاميم العمارة العربية الإسلامية بشكل مميز. ولعل الجديد في المشروع أن المناداة إلى الصلاة ستكون من خلال أشعة ضوئية بدل مكبرات الصوت المعتادة وغير المسموح بها في فرنسا. وفي أوائل 2010 تم وضع حجر الأساس للمسجد لكن الأعمال توقفت عند ذلك الحد بسبب اعتراض أصحاب متاجر قريبة على تخصيص موقف لسيارات المصلين.
وبدل أن يحتفل مسلمو مرسيليا بافتتاح مسجدهم، الذي كان متوقعا هذا العام، واصلت القضية مراوحتها في أروقة المحاكم بسبب الشكوى التي تقدمت بها شركة «المصارين والكرش الشرقية» إلى المحكمة الإدارية في المدينة وطالبت فيها بإلغاء قرار العمدة الصادر قبل 4 سنوات والقرار الذي تلاه، اللذين ينصان على منح المشروع رخصة البناء. وفي الخريف الماضي أصدرت المحكمة قرارها لصالح الشركة المدعية، فقرر القائمون على المشروع استئناف الحكم وحصلوا على حكم جديد لصالح بناء المسجد، أمس، فهل يكون القرار خاتمة المسيرة أم ينقل بيادق اليمين المتطرف الملف إلى محكمة النقض؟