مزون الطيب
20-08-2012, 10:18 AM
هل في المرأة شؤم ؟!
د. عبدالله بن عبدالرحمن الهذيل
بسم الله الرحمن الرحيم
هل في المرأة شؤم ؟!
كثيرا ما نسمع التشكيك في حفظ الإسلام حق المرأة والإعلاء من شأنها من خلال الكلام على حديث ( الشؤم في ثلاث ) ، وهذا إما من عدو متربص يلبس في المعنى ويفصل بين روابطه التي يكتمل بها ظهوره ، أو من جاهل يفهم معنى باطلا لم يدل عليه الدليل ثم يبثه أو يبقى في نفسه إشكالا يضيق به ويصد عنه ، أو ربما كان ذلك من شخص خاصم زوجته فوجه لها ذلك الوصف بأنها شؤم بقول النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا جناية على الحديث أيما جناية .
لذا لا بد من بيان المعنى المراد من الحديث ليكون الاستدلال في محله ، ويرد كيد من أراد النيل من الإسلام في هذا الأمر في نحره .
وإن من نافلة القول ابتداء هنا تقرير ما للمرأة في الإسلام من مكانة عالية ومنزلة مصونة وحق محفوظ ، فهذا من الظهور أوضح من الشمس في ضحاها والقمر إذا تلاها ، وليس المقام ذكر الدلائل على ذلك هنا ، فهذا يطول ، لكن المقصود الوقوف على معنى حديث الشؤم المتعلق بالمرأة .
فقد جاء الحديث مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألفاظ عدة ...
ففي لفظ : ( إنما الشؤم في ثلاثة : في الفرس و المرأة والدار )[1] .
وفي لفظ : ( الشؤم في المرأة والدار والفرس )[2].
وفي لفظ : ( إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس )[3].
وفي لفظ ( إن يكن من الشؤم شيء حق ففي الفرس والمرأة والدار )[4].
وفي لفظ : ( إن كان في شيء ففي الربع والخادم والفرس )[5] ، وفي لفظ زيادة ( والسيف )[6].
وللعلماء رحمهم الله تعالى أجوبة عدة على ما قد يحصل من اشتباه في معنى الحديث :
الجواب الأول :
أن أصل الحديث حكاية لقول اليهود أو المشركين وبيان مذهبهم الباطل في ذلك ، ولكن قد روي الحديث بدون ما يدل على الحكاية .
ودليل ذلك ما رواه قتادة عن أبي حسان قال : دخل رجلان من بني عامر على عائشة رضي الله عنها فأخبراها أن أباهريرة رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الطيرة في الدار والمرأة والفرس ) فغضبت ، فطارت شقة منها في السماء ، وشقة في الأرض ، وقالت : والذي نزل الفرقان على محمد ما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم قط ، إنما قال : ( كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك ) .[7]
وفي رواية قالت : ولكن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( كان أهل الجاهلية يقولون : الطيرة في المرأة والدار والدابة ) ، ثم قرأت عائشة رضي الله عنها : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب ) الآية .[8]
ويشهد له ما رواه أبو داود الطيالسي عن مكحول أنه قال : قيل لعائشة : إن أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الشؤم في ثلاث : في الدار والمرأة والفرس ) فقالت عائشة رضي الله عنها : لم يحفظ أبو هريرة ؛ لأنه دخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قاتل الله اليهود ، يقولون : إن الشؤم في الدار والمرأة والفرس ) فسمع آخر الحديث ولم يسمع أوله .[9]
قال الألباني : ( وإسناده حسن لولا الانقطاع بين مكحول وعائشة ، لكن لا بأس به في المتابعات والشواهد إن كان الرجل الساقط من بينهما هو شخص ثالث غير العامريين المتقدمين ) .[10]
ومما يؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد عن أبي معشر عن محمد بن قيس قال : سئل أبو هريرة رضي الله عنه : سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الطيرة في ثلاث : في المسكن والفرس والمرأة ) ؟ قال : إذاً أقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل ، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أصدق الطيرة الفأل ، والعين حق ) .
ولكن هذه الرواية ضعيفة لضغف أبي معشر[11] ، ولما قيل من الانقطاع بين محمد بن قيس وأبي هريرة رضي الله عنه .[12]
ومما يؤيده أيضا ما رواه الطبري في تهذيب الآثار عن ابن أبي مليكة قال : قلت لابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : كيف ترى في جارية لي ، في نفسي منها شيء ؟ فإني سمعتهم يقولون : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم ( إن كان في شيء ففي الربع والفرس والمرأة ) ، قال : فأنكر أن يكون سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم أشد النكرة ، وقال : إذا وقع في نفسك منها شيء ففارقها ، بعها أو أعتقها .[13]
فبناء على قول عائشة رضي الله عنها ، فالحديث ليس فيه تقرير للطيرة ، بل هو متضمن للنهي والتحذير من ذلك ؛ إذ أن نسبة العمل لأهل الكفر والجاهلية دال على النهي .
هذا ، وقد رد بعض أهل العلم هذا الجواب ؛ لثبوت الحديث من طرق عدة ، وعن عدد من الصحابة رضوان الله عليهم غير أبي هريرة .
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ : ( ولكن قول عائشة هذا مرجوح ، ولها ـ رضي الله عنها ـ اجتهاد في رد بعض الأحاديث الصحيحة خالفها فيه غيرها من الصحابة ، وهي ـ رضي الله عنها ـ لما ظنت أن هذا الحديث يقتضي إثبات الطيرة التي هي من الشرك لم يسعها غير تكذيبه ورده ، ولكن الذين رووه ممن لا يمكن رد روايتهم ، ولم ينفرد بهذا أبو هريرة وحده ، ولو انفرد به فهو حافظ الأمة )[14] .
وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ : ( ولا معنى لإنكار ذلك على أبي هريرة مع موافقته من ذكرنا من الصحابة له في ذلك )[15] .
قلت : لم أجد رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه في إثبات الشؤم في هذه الأمور سوى ما تضمنته رواية إنكار عائشة رضي الله عنها ، وفيها إبهام للرجلين اللذين رويا ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وما أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وعزاه إلى البزار والطبراني في الأوسط ، وقال : وفيه بلال بن داود الأودي وهو ضعيف . وعليه فثبوت ذلك عنه محل نظر ، والله أعلم .
ثم أيضا ، ثبوت إنكار ذلك عن عائشة رضي الله عنها يجعل هذا الجواب من القوة بمكان ، ثم إنه ليس فيه رد للرواية ، وإنما هو توجيه لها ، وبيان زيادة مهمة فيها تزيل الاشتباه في احتمال التعارض مع الروايات الدالة على نفي تأثير الطيرة في شيء ، والله أعلم .
قال الزركشي : ( قال بعض الأئمة : ورواية عائشة في هذا أشبه بالصواب إن شاء الله تعالى ـ ؛ لموافقتها نهيه عليه الصلاة والسلام عن الطيرة نهيا عاما ، وكراهتها ، وترغيبه في تركها بقوله « يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب » وهم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتكلون )[16] .
الجواب الثاني :
حمل رواية الجزم ـ وهي ( الشؤم في ثلاث ... ) ورواية ( إنما الشؤم في ثلاث ... ) ـ على رواية التعليق ـ وهي ( إن كان الشؤم في شيء ... ) وما في معناه .
وقد وردت رواية الجزم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، وأبي هريرة رضي الله عنه ـ فيما تضمنته رواية إنكار عائشة رضي الله عنها ـ .
أما رواية التعليق فقد وردت من عدة طرق : من طريق ابن عمر نفسه ، قال : ذكروا الطيرة عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن كان الشؤم في شيء ففي الدر والمرأة والفرس ) .
ولها شاهد من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن كان في شيء ففي المرأة والفرس والمسكن )[17] .
ومن حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا عدوى ولا طيرة ولا هام ، إن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار )[18] .
ومن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن كان شيء ففي المرأة والفرس والمسكن )[19] .
ومن حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا طيرة ، والطيرة على من تطير ، وإن تك في شيء ففي الدار والفرس والمرأة )[20] .
ومن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا عدوى ولا طيرة ، وإن كان في شيء ففي المرأة والفرس والدار )[21] .
وبذلك يعلم أن رواية التعليق هي الأكثر ، وقد وردت عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم ، مما يدل على أنها هي المحفوظة ، فتحمل رواية الجزم عليها .
وبناء على ذلك فليس في الحديث دلالة على إثبات الطيرة في هذه الأمور ، بل هو موافق للنصوص الدالة على نفي الطيرة ؛ إذ أن المعنى : لو كانت الطيرة مؤثرة في شيء لكانت في هذه الثلاثة ، أما وإنها ليست كائنة فيها ـ وهي أكثر ما يلازم المرء ـ فإن الطيرة منفية في غيرها .
قال الإمام ابن جرير الطبري : ( وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس » فإنه لم يثبت بذلك صحة الطيرة ، بل إنما أخبر صلى الله عليه وسلم أن ذلك إن كان في شيء ففي هذه الثلاث ، وذلك إلى النفي أقرب منه إلى الإيجاب ؛ لأن قول القائل : إن كان في هذه الدار أحد فزيد . غير إثبات منه أن فيها زيدا ، بل ذلك من النفي أن يكون فيها زيد أقرب منه إلى الإثبات أن فيها زيدا )[22] .
وقال الإمام الطحاوي ـ رحمه الله تعالى ـ عند كلامه على حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه المتقدم : ( فلم يخبر أنها فيهن ، وإنما قال : إن تكن في شيء ففيهن ، أي لو كانت تكون في شيء لكانت في هؤلاء ، فإن لم تكن في هؤلاء الثلاثة فليست في شيء )[23] .
وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ : ( والحديث يعطي بمفهومه أن لا شؤم في شيء ؛ لأن معناه : لو كان الشؤم ثابتا في شيء ما لكان في هذه الثلاثة ، لكنه ليس ثابتا في شيء أصلا . وعليه فما في بعض الروايات بلفظ » الشؤم في ثلاثة « فهو اختصار وتصرف من بعض الرواة ، والله أعلم )[24] .
ومن تأمل رواية البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ لما ذكر رواية ابن عمر ري الله عنهما ـ وهي بالجزم ـ عقبها برواية سهل بن سعد ـ وهي بالتعليق ـ مما ظاهره ما تقرر في هذا الجواب ، وهو حمل رواية الجزم على رواية التعليق ، والله أعلم .
الجواب الثالث :
تخصيص هذه الثلاثة من عموم ما يتطير به .
ورجحه الشوكاني ، فقال : ( فيكون حديث الشؤم مخصصا لعموم حديث » لا طيرة « فهو في قوة : لا طيرة إلا في هذه الثلاث . وقد تقرر في الأصول أنه يبنى العام على الخاص مع جهل التاريخ ، وادعى بعضهم أنه إجماع ، والتاريخ في حديث الطيرة والشؤم مجهول )[25] .
ونسبه ابن القيم وابن حجر إلى ابن قتيبة .
قال ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ : ( وظاهر الحديث أن الشؤم والطيرة في هذه الثلاث ، قال ابن قتيبة : « ووجهه أن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأعلمهم أن لا طيرة ، فلما أبوا أن ينتهوا بقيت الطيرة في هؤلاء الثلاثة » . قلت : فمشى ابن قتيبة على ظاهره ، ويلزم من قوله أن من تشاءم بشيء منها نزل به ما يكره ) [26].
قلت : وكلام ابن قتيبة في « تأويل مختلف الحديث » يرد ذلك ؛ إذ أن مضمونه رد الطيرة مطلقاً في هذه الثلاث وغيرها ، وحملُ حديث الثلاث على حكاية قول اليهود أو المشركين على ما قالته عائشة رضي الله عنها ، وحملُ حديث « ذروها ذميمة » على الرخصة في ترك ما استثقلوه .([27])
ولذلك فقد وجه القرطبي كلامه السابق الذي نقله ابن حجر ـ وأظنه في مشكل الحديث كما أشار إليه ابن القيم ـ بما معناه هذا المضمون ، فقال : ( ولا يظن بمن قال هذا القول أن الذي رخص فيه من الطيرة بهذه الأشياء الثلاثة هو على نحو ما كانت الجاهلية تعتقده فيها وتفعل عندها ، فإنها كانت لا تقدم على ما تطيرت به ؛ بناء على أن الطيرة تضر مطلقا ، فإن هذا ظن خطأ ، وإنما يعني بذلك أن هذه الثلاثة هي أكثر ما يتشاءم الناس بها لملازمتهم إياها ، فمن وقع في نفسه شيء من ذلك أباح الشرع له أن يتركه ويستبدل به غيره مما تطيب به نفسه ويسكن له خاطره ) [28] .
وعموماً فالجواب الذي تتفق فيه الروايات في المعنى أولى من هذا الجواب الذي يتقرر به التعارض ، فيلجأ به إلى التخصيص .
الجواب الرابع :
أن التطير واقع على من تطير ، استدلالا بحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا طيرة ، والطيرة على من تطير .. )[29] .
فقالوا : الشؤم بهذه الأشياء إنما يلحق من تشاءم بها وتطير بها ، فيكون شؤمها عليه ، ومن توكل على الله ولم يتشاءم بها ولم يتطير لم تكن مشؤومة عليه ، فقد يجعل الله تعالى تطير العبد وتشاؤمه سببا لحلول المكروه به ، كما يجعل الثقة والتوكل عليه وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الأسباب التي يدفع بها الشر المتطير به .[30]
قلت : والاستدلال بحديث أنس على ذلك فيه نظر ؛ إذ أن هذا الاستدلال يفيد إثبات الطيرة على كل من تطير ، مع أن أول الحديث نفي لذلك .
قال الإمام ابن عبدالبر ـ رحمه الله تعالى ـ في بيان ذلك : ( فإن قال قائل : قد روى زهير بن معاوية عن عتبة بن حميد ... ـ وذكر حديث أنس رضي الله عنه ـ .. وقال : هذا يوجب أن تكون الطيرة في الدار والمرأة والفرس لمن تطير . قيل له ـ وبالله التوفيق ـ : لو كان كما ظننت لكان الحديث ينفي بعضه بعضا ؛ لأن قوله » لا طيرة « نفي لها ، وقوله » والطيرة على من تطير « إيجاب لها ، وهذا محال أن يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا من النفي والإثبات في شيء واحد ووقت واحد ، ولكن المعنى في ذلك : نفي الطيرة بقوله » لا طيرة « ، وأما قوله » والطيرة على من تطير « فمعناه : إثم الطيرة على من تطير بعد علمه بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الطيرة ، وقوله فيها « إنها شرك ، وما منا إلا ، ولكن الله يذهبه بالتوكل » ، فمعنى هذا الحديث عندنا ـ والله أعلم ـ أن من تطير فقد أثم ، وإثمه على نفسه في تطيره ؛ لترك التوكل وصريح الإيمان ؛ لأنه يكون ما تطير به على نفسه في الحقيقة ؛ لأنه لا طيرة في الحقيقة )[31] .
الجواب الخامس :
أن المعنى هو إخبار عن الأسباب المثيرة للطيرة الكامنة في الغرائز ، وأنها بهذه الثلاث ، أخبر بها ليحذر منها ، فالحوادث التي تكثر مع هذه الأشياء والمصائب التي تتوالى عندها تدعو الناس إلى التشاؤم بها .[32]
فالمعنى : أن أكثر ما يقع الشؤم عند الناس هو بهذه الأمور الثلاثة ؛ وذلك لطول الملازمة ، ووقوع المصاحبة ، فمن تشاءم بشيء من هذه الأمور فقد شابه أهل الجاهلية .
الجواب السادس :
أن هذه الثلاث تكون في الغالب محال وظروف لحصول المكروه للمرء بحكم طول الملازمة والمصاحبة ، فيكون المحل حين يقع المكروه عنده ملازما لذلك المكروه ، فيقع الشؤم بذلك ، لا أن ذلك المحل هو السبب لوقوع ذلك المكروه .
فالمعنى منصرف إلى كون هذه الثلاث قد يقع الشؤم بها لكونها محالا لوقوع المكروه ، وقد تقرر النهي عن الطيرة والتشاؤم من قوله وفعله صلى الله عليه وسلم .
قال الإمام الخطابي ـ رحمه الله تعالى ـ : ( وإنما هذه الأشياء محال وظروف جعلت مواقع لأقضيته ، ليس لها بأنفسها وطباعها فعل ولا تأثير في شيء ، إلا أنها لما كانت أعم الأشياء التي يقتنيها الناس ، وكان الإنسان في غالب أحواله لا يستغني عن دار يسكنها وزوجة يعاشرها وفرس يرتبطه ، وكان لا يخلو من عارض مكروه في زمانه ودهره ، أضيف اليمن والشؤم إليها إضافة مكان ومحل ، وهما صادران عن مشيئة الله سبحانه )[33] .
الجواب السابع :
أن المراد بذلك ليس ثبوت الشؤم في هذه الأمور مطلقا ، وإنما ما يكون منها من أعيان ممحوقة البركة ، فيكون الشر غالبا فيها ، وهي لطول ملازمة المرء لها يظل أثر ذلك ملازما له ، فيقضي حياته معذبا بذلك .
والإسلام جاء رحمة للعباد ، فرخص لمن هذه حاله مفارقة ما يكون شؤمه غالبا على نفسه ؛ حتى تطيب نفسه ، ويزول عنه ما يكره .
ولذلك فليس المقصود بذلك مطلق المرأة ومطلق الدار ومطلق الفرس ، كيف والنبي صلى الله عليه وسلم قد أمر الذين تشاءموا من دارهم بالتحول إلى دار غيرها ! وكذلك لا يمكن أن يعيش المرء بلا دار ، ولم يكن هذا في الشرع أبدا !
وكذلك قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ، وقد شرع لأمته أن يتزوجوا ، وحث الشباب على ذلك ، فلو كانت كل امرأة مشؤومة لكان في هذا إبطال لذلك كله .
وكذلك الخيل قد أخبر صلى الله عليه وسلم أنها تكون مباركة لصاحبها حين يراعي حق الله تعالى فيها ، فقال : ( الخيل لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر ، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال بها في مرج أو روضة فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات ، ولو أنه انقطع طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له ، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقي كان ذلك حسنات له ، فهي لذلك أجر ، ورجل ربطها تغنيا وتعففا ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي لذلك ستر ، ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام فهي على ذلك وزر )[34] .
وقال عليه الصلاة والسلام : ( البركة في نواصي الخير )[35] .
فالمراد إذً ليس هو مطلق هؤلاء الثلاث ، وإنما ما قد يكون في ذلك من السوء مما يجعله شؤما ملازما لمن صاحبه .
ومما يدل على ذلك ما رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من سعادة ابن آدم ثلاثة ، ومن شقوة بن آدم ثلاثة ، من سعادة بن آدم : المرأة الصالحة ، والمسكن الصالح ، والمركب الصالح ، ومن شقوة بن آدم : المرأة السوء ، والمسكن السوء ، والمركب السوء )[36] .
فالحديث دال دلالة صريحة على معنى الشؤم الذي يكون بهؤلاء الثلاث ، وأنه ليس من الرمي بالغيب كما هو حال الطيرة والشؤم المنهي عنه ، ولكنه سبب بيّن معلوم ، كما لو قلت : المعاصي شؤم على مرتكبها ، وسوء الخلق شؤم على صاحبه ، والابن العاق شؤم على والديه ... وهكذا .
فما دام أن الشؤم الذي قد يقع بهؤلاء الثلاث قد جاء مفسرا بما هو سبب ظاهر له فلا يكون من باب الطيرة التي كان عليها أهل الجاهلية ، والتي هي من القذف بالغيب ، وخوض المرء بما ليس له به علم ، ولا له عليه دليل من الوحي المنزل أو الأسباب القدرية التي جعلها الله تعالى سننا للعباد يربطون بها الأسباب بمسبَّباتها .
ولقد جاء عن بعض السلف تفسير ذلك الشؤم المذكور في هذه الثلاث ، فقد روى عبدالرزاق في مصنفه عن معمر : سمعت من يفسر هذا الحديث يقول : شؤم المرأة إذا كانت غير ولود ، وشؤم الفرس إذا لم يغز عليه ، وشؤم الدار جار السوء .[37]
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ : ( وبالجملة فإخباره بالشؤم أنه يكون في هذه الثلاثة ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها ، وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق منها أعيانا مشؤومة على من قاربها وسكنها ، وأعيانا مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر ، وهذا كما يعطى سبحانه الوالدين ولدا مباركا يريان الخير على وجهه ، ويعطى غيرهما ولدا مشؤما نذلا يريان الشر على وجهه ، وكذلك ما يعطاه العبد من ولاية أو غيرها ، فكذلك الدار والمرأة والفرس ، والله سبحانه خالق الخير والشر ، والسعود والنحوس ، فيخلق بعض هذه الأعيان سعودا مباركة ويقضى سعادة من قارنها وحصول اليمن له والبركة ، ويخلق بعض ذلك نحوسا يتنحس بها من قارنها ، وكل ذلك بقضائه وقدره كما خلق سائر الأسباب وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة ، فكما خلق المسك وغيره من حامل الأرواح الطيبة ولذذ بها من قارنها من الناس ، وخلق ضدها وجعلها سببا لإيذاء من قارنها من الناس ، والفرق بين هذين النوعين يدرك بالحس ، فكذلك في الديار والنساء والخيل ، فهذا لون والطيرة الشركية لون آخر )[38] .
قلت : وأظهر ما تقدم من جواب هو في الأول والثاني والسابع ، والله تعالى أعلم .
وبذا يصان الحديث عن الظنون الكاذبة التي يدعيها الأعداء ويقبلها الجهلاء .
والله ولي التوفيق .
-------------------------------------
[1]) رواه البخاري في الطب ـ باب لا عدوى ـ رقم 5772 ، ومسلم في السلام ـ باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم ـ رقم 2225 عن ابن عمر رضي الله عنهما .
[2]) البخاري في النكاح ـ باب ما يتقى من شؤم المرأة ـ رقم 5093 ، ومسلم في السلام ـ باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم ـ رقم 2225 عن ابن عمر رضي الله عنهما .
[3]) البخاري في النكاح ـ باب ما يتقى من شؤم المرأة ـ رقم 5094 ، ومسلم في السلام ـ باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم ـ رقم 2225 عن ابن عمر رضي الله عنهما . .
[4]) مسلم في السلام ـ باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم ـ رقم 2225 عن ابن عمر رضي الله عنهما .
[5]) مسلم في السلام ـ باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم ـ رقم 2225 عن جابر رضي الله عنه .
[6]) مالك في الموطأ ـ كتاب الاستئذان ـ باب ما يتقى من الشؤم 2/972 ، وعبدالرزاق في المصنف 10/411 .
[7]) رواه أحمد في المسند 6/150 ، 240 ، والطحاوي في مشكل الآثار 1/341 .
[8]) رواه أحمد في المسند 6/246 ، والحاكم في المستدرك 2/521 وصححه ووافقه الذهبي . وصححه الألباني كما في سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/594 .
[9]) رواه أبو داود الطيالسي في مسنده ص 215 ورقم 1537 ، والطبراني في مسند الشاميين 4/343 .
[10]) السلسلة الصحيحة 2/594
[11]) انظر : تقريب التهذيب لابن حجر ص 559 .
[12]) انظر : تهذيب التهذيب لابن حجر 9/367 .
[13]) تهذيب الآثار 3/27 رقم 70 .
[14]) مفتاح دار السعادة 2/254 .
[15]) فتح الباري 6/61 .
[16]) الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة ص 128 .
[17]) رواه البخاري في الجهاد والسير ـ باب ما يذكر من شؤم الفرس ـ رقم 2859 ، ومسلم في السلام ـ باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم ـ رقم 2226 .
[18]) رواه أحمد في المسند 1/180 ، وابن حبان في صحيحه 13/497 ، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/313 .
[19]) تقدم تخريجه ص
[20]) رواه ابن حبان في صحيحه 13/492 .
[21]) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار 4/314 .
[22]) نهذيب الآثار 3/34 .
[23]) شرح معاني الآثار 4/314 .
[24]) سلسلة الآحاديث الصحيحة 443 .
[25]) نيل الأوطار 7/209 .
[26]) فتح الباري 6/72 ، وانظر مفتاح دار السعادة لابن القيم 2/256 .
[27] انظر : مختلف الحديث لابن قتيبة ص 104 وما بعدها .
[28]) المفهم 5/629 .
[29]) تقدم تخريجه ص
[30]) انظر : مفتاح دار السعادة 2/256 .
[31]) التمهيد 9/284 .
[32]) انظر : مفتاح دار السعادة 2/257 .
[33]) أعلام الحديث للخطابي 2/1379 .
[34]) رواه البخاري في المساقاة ـ باب شرب الناس والدواب من الأنهار ـ رقم 2371 ، ومسلم في الزكاة ـ باب إثم مانع الزكاة ـ رقم 987 عن أبي هريرة رضي الله عنه .
[35]) رواه البخاري في الجهاد والسير ـ باب الجهاد معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ـ رقم 2851 ، ومسلم في الإمارة ـ باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ـ رقم 1874 .
[36]) رواه أحمد في المسند 1/168 وأبو داود الطيالسي في مسنده ص 29 رقم 210 ، والحاكم في المستدرك 2/157 وصححه ووافقه الذهبي .
[37]) مصنف عبدالرزاق 10/411 .
[38]) مفتاح دار السعادة 2/257 .
د. عبدالله بن عبدالرحمن الهذيل
بسم الله الرحمن الرحيم
هل في المرأة شؤم ؟!
كثيرا ما نسمع التشكيك في حفظ الإسلام حق المرأة والإعلاء من شأنها من خلال الكلام على حديث ( الشؤم في ثلاث ) ، وهذا إما من عدو متربص يلبس في المعنى ويفصل بين روابطه التي يكتمل بها ظهوره ، أو من جاهل يفهم معنى باطلا لم يدل عليه الدليل ثم يبثه أو يبقى في نفسه إشكالا يضيق به ويصد عنه ، أو ربما كان ذلك من شخص خاصم زوجته فوجه لها ذلك الوصف بأنها شؤم بقول النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا جناية على الحديث أيما جناية .
لذا لا بد من بيان المعنى المراد من الحديث ليكون الاستدلال في محله ، ويرد كيد من أراد النيل من الإسلام في هذا الأمر في نحره .
وإن من نافلة القول ابتداء هنا تقرير ما للمرأة في الإسلام من مكانة عالية ومنزلة مصونة وحق محفوظ ، فهذا من الظهور أوضح من الشمس في ضحاها والقمر إذا تلاها ، وليس المقام ذكر الدلائل على ذلك هنا ، فهذا يطول ، لكن المقصود الوقوف على معنى حديث الشؤم المتعلق بالمرأة .
فقد جاء الحديث مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألفاظ عدة ...
ففي لفظ : ( إنما الشؤم في ثلاثة : في الفرس و المرأة والدار )[1] .
وفي لفظ : ( الشؤم في المرأة والدار والفرس )[2].
وفي لفظ : ( إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس )[3].
وفي لفظ ( إن يكن من الشؤم شيء حق ففي الفرس والمرأة والدار )[4].
وفي لفظ : ( إن كان في شيء ففي الربع والخادم والفرس )[5] ، وفي لفظ زيادة ( والسيف )[6].
وللعلماء رحمهم الله تعالى أجوبة عدة على ما قد يحصل من اشتباه في معنى الحديث :
الجواب الأول :
أن أصل الحديث حكاية لقول اليهود أو المشركين وبيان مذهبهم الباطل في ذلك ، ولكن قد روي الحديث بدون ما يدل على الحكاية .
ودليل ذلك ما رواه قتادة عن أبي حسان قال : دخل رجلان من بني عامر على عائشة رضي الله عنها فأخبراها أن أباهريرة رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الطيرة في الدار والمرأة والفرس ) فغضبت ، فطارت شقة منها في السماء ، وشقة في الأرض ، وقالت : والذي نزل الفرقان على محمد ما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم قط ، إنما قال : ( كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك ) .[7]
وفي رواية قالت : ولكن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( كان أهل الجاهلية يقولون : الطيرة في المرأة والدار والدابة ) ، ثم قرأت عائشة رضي الله عنها : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب ) الآية .[8]
ويشهد له ما رواه أبو داود الطيالسي عن مكحول أنه قال : قيل لعائشة : إن أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الشؤم في ثلاث : في الدار والمرأة والفرس ) فقالت عائشة رضي الله عنها : لم يحفظ أبو هريرة ؛ لأنه دخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قاتل الله اليهود ، يقولون : إن الشؤم في الدار والمرأة والفرس ) فسمع آخر الحديث ولم يسمع أوله .[9]
قال الألباني : ( وإسناده حسن لولا الانقطاع بين مكحول وعائشة ، لكن لا بأس به في المتابعات والشواهد إن كان الرجل الساقط من بينهما هو شخص ثالث غير العامريين المتقدمين ) .[10]
ومما يؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد عن أبي معشر عن محمد بن قيس قال : سئل أبو هريرة رضي الله عنه : سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الطيرة في ثلاث : في المسكن والفرس والمرأة ) ؟ قال : إذاً أقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل ، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أصدق الطيرة الفأل ، والعين حق ) .
ولكن هذه الرواية ضعيفة لضغف أبي معشر[11] ، ولما قيل من الانقطاع بين محمد بن قيس وأبي هريرة رضي الله عنه .[12]
ومما يؤيده أيضا ما رواه الطبري في تهذيب الآثار عن ابن أبي مليكة قال : قلت لابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : كيف ترى في جارية لي ، في نفسي منها شيء ؟ فإني سمعتهم يقولون : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم ( إن كان في شيء ففي الربع والفرس والمرأة ) ، قال : فأنكر أن يكون سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم أشد النكرة ، وقال : إذا وقع في نفسك منها شيء ففارقها ، بعها أو أعتقها .[13]
فبناء على قول عائشة رضي الله عنها ، فالحديث ليس فيه تقرير للطيرة ، بل هو متضمن للنهي والتحذير من ذلك ؛ إذ أن نسبة العمل لأهل الكفر والجاهلية دال على النهي .
هذا ، وقد رد بعض أهل العلم هذا الجواب ؛ لثبوت الحديث من طرق عدة ، وعن عدد من الصحابة رضوان الله عليهم غير أبي هريرة .
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ : ( ولكن قول عائشة هذا مرجوح ، ولها ـ رضي الله عنها ـ اجتهاد في رد بعض الأحاديث الصحيحة خالفها فيه غيرها من الصحابة ، وهي ـ رضي الله عنها ـ لما ظنت أن هذا الحديث يقتضي إثبات الطيرة التي هي من الشرك لم يسعها غير تكذيبه ورده ، ولكن الذين رووه ممن لا يمكن رد روايتهم ، ولم ينفرد بهذا أبو هريرة وحده ، ولو انفرد به فهو حافظ الأمة )[14] .
وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ : ( ولا معنى لإنكار ذلك على أبي هريرة مع موافقته من ذكرنا من الصحابة له في ذلك )[15] .
قلت : لم أجد رواية عن أبي هريرة رضي الله عنه في إثبات الشؤم في هذه الأمور سوى ما تضمنته رواية إنكار عائشة رضي الله عنها ، وفيها إبهام للرجلين اللذين رويا ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وما أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وعزاه إلى البزار والطبراني في الأوسط ، وقال : وفيه بلال بن داود الأودي وهو ضعيف . وعليه فثبوت ذلك عنه محل نظر ، والله أعلم .
ثم أيضا ، ثبوت إنكار ذلك عن عائشة رضي الله عنها يجعل هذا الجواب من القوة بمكان ، ثم إنه ليس فيه رد للرواية ، وإنما هو توجيه لها ، وبيان زيادة مهمة فيها تزيل الاشتباه في احتمال التعارض مع الروايات الدالة على نفي تأثير الطيرة في شيء ، والله أعلم .
قال الزركشي : ( قال بعض الأئمة : ورواية عائشة في هذا أشبه بالصواب إن شاء الله تعالى ـ ؛ لموافقتها نهيه عليه الصلاة والسلام عن الطيرة نهيا عاما ، وكراهتها ، وترغيبه في تركها بقوله « يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب » وهم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتكلون )[16] .
الجواب الثاني :
حمل رواية الجزم ـ وهي ( الشؤم في ثلاث ... ) ورواية ( إنما الشؤم في ثلاث ... ) ـ على رواية التعليق ـ وهي ( إن كان الشؤم في شيء ... ) وما في معناه .
وقد وردت رواية الجزم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، وأبي هريرة رضي الله عنه ـ فيما تضمنته رواية إنكار عائشة رضي الله عنها ـ .
أما رواية التعليق فقد وردت من عدة طرق : من طريق ابن عمر نفسه ، قال : ذكروا الطيرة عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن كان الشؤم في شيء ففي الدر والمرأة والفرس ) .
ولها شاهد من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن كان في شيء ففي المرأة والفرس والمسكن )[17] .
ومن حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا عدوى ولا طيرة ولا هام ، إن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار )[18] .
ومن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن كان شيء ففي المرأة والفرس والمسكن )[19] .
ومن حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا طيرة ، والطيرة على من تطير ، وإن تك في شيء ففي الدار والفرس والمرأة )[20] .
ومن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا عدوى ولا طيرة ، وإن كان في شيء ففي المرأة والفرس والدار )[21] .
وبذلك يعلم أن رواية التعليق هي الأكثر ، وقد وردت عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم ، مما يدل على أنها هي المحفوظة ، فتحمل رواية الجزم عليها .
وبناء على ذلك فليس في الحديث دلالة على إثبات الطيرة في هذه الأمور ، بل هو موافق للنصوص الدالة على نفي الطيرة ؛ إذ أن المعنى : لو كانت الطيرة مؤثرة في شيء لكانت في هذه الثلاثة ، أما وإنها ليست كائنة فيها ـ وهي أكثر ما يلازم المرء ـ فإن الطيرة منفية في غيرها .
قال الإمام ابن جرير الطبري : ( وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس » فإنه لم يثبت بذلك صحة الطيرة ، بل إنما أخبر صلى الله عليه وسلم أن ذلك إن كان في شيء ففي هذه الثلاث ، وذلك إلى النفي أقرب منه إلى الإيجاب ؛ لأن قول القائل : إن كان في هذه الدار أحد فزيد . غير إثبات منه أن فيها زيدا ، بل ذلك من النفي أن يكون فيها زيد أقرب منه إلى الإثبات أن فيها زيدا )[22] .
وقال الإمام الطحاوي ـ رحمه الله تعالى ـ عند كلامه على حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه المتقدم : ( فلم يخبر أنها فيهن ، وإنما قال : إن تكن في شيء ففيهن ، أي لو كانت تكون في شيء لكانت في هؤلاء ، فإن لم تكن في هؤلاء الثلاثة فليست في شيء )[23] .
وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ : ( والحديث يعطي بمفهومه أن لا شؤم في شيء ؛ لأن معناه : لو كان الشؤم ثابتا في شيء ما لكان في هذه الثلاثة ، لكنه ليس ثابتا في شيء أصلا . وعليه فما في بعض الروايات بلفظ » الشؤم في ثلاثة « فهو اختصار وتصرف من بعض الرواة ، والله أعلم )[24] .
ومن تأمل رواية البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ لما ذكر رواية ابن عمر ري الله عنهما ـ وهي بالجزم ـ عقبها برواية سهل بن سعد ـ وهي بالتعليق ـ مما ظاهره ما تقرر في هذا الجواب ، وهو حمل رواية الجزم على رواية التعليق ، والله أعلم .
الجواب الثالث :
تخصيص هذه الثلاثة من عموم ما يتطير به .
ورجحه الشوكاني ، فقال : ( فيكون حديث الشؤم مخصصا لعموم حديث » لا طيرة « فهو في قوة : لا طيرة إلا في هذه الثلاث . وقد تقرر في الأصول أنه يبنى العام على الخاص مع جهل التاريخ ، وادعى بعضهم أنه إجماع ، والتاريخ في حديث الطيرة والشؤم مجهول )[25] .
ونسبه ابن القيم وابن حجر إلى ابن قتيبة .
قال ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ : ( وظاهر الحديث أن الشؤم والطيرة في هذه الثلاث ، قال ابن قتيبة : « ووجهه أن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأعلمهم أن لا طيرة ، فلما أبوا أن ينتهوا بقيت الطيرة في هؤلاء الثلاثة » . قلت : فمشى ابن قتيبة على ظاهره ، ويلزم من قوله أن من تشاءم بشيء منها نزل به ما يكره ) [26].
قلت : وكلام ابن قتيبة في « تأويل مختلف الحديث » يرد ذلك ؛ إذ أن مضمونه رد الطيرة مطلقاً في هذه الثلاث وغيرها ، وحملُ حديث الثلاث على حكاية قول اليهود أو المشركين على ما قالته عائشة رضي الله عنها ، وحملُ حديث « ذروها ذميمة » على الرخصة في ترك ما استثقلوه .([27])
ولذلك فقد وجه القرطبي كلامه السابق الذي نقله ابن حجر ـ وأظنه في مشكل الحديث كما أشار إليه ابن القيم ـ بما معناه هذا المضمون ، فقال : ( ولا يظن بمن قال هذا القول أن الذي رخص فيه من الطيرة بهذه الأشياء الثلاثة هو على نحو ما كانت الجاهلية تعتقده فيها وتفعل عندها ، فإنها كانت لا تقدم على ما تطيرت به ؛ بناء على أن الطيرة تضر مطلقا ، فإن هذا ظن خطأ ، وإنما يعني بذلك أن هذه الثلاثة هي أكثر ما يتشاءم الناس بها لملازمتهم إياها ، فمن وقع في نفسه شيء من ذلك أباح الشرع له أن يتركه ويستبدل به غيره مما تطيب به نفسه ويسكن له خاطره ) [28] .
وعموماً فالجواب الذي تتفق فيه الروايات في المعنى أولى من هذا الجواب الذي يتقرر به التعارض ، فيلجأ به إلى التخصيص .
الجواب الرابع :
أن التطير واقع على من تطير ، استدلالا بحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا طيرة ، والطيرة على من تطير .. )[29] .
فقالوا : الشؤم بهذه الأشياء إنما يلحق من تشاءم بها وتطير بها ، فيكون شؤمها عليه ، ومن توكل على الله ولم يتشاءم بها ولم يتطير لم تكن مشؤومة عليه ، فقد يجعل الله تعالى تطير العبد وتشاؤمه سببا لحلول المكروه به ، كما يجعل الثقة والتوكل عليه وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الأسباب التي يدفع بها الشر المتطير به .[30]
قلت : والاستدلال بحديث أنس على ذلك فيه نظر ؛ إذ أن هذا الاستدلال يفيد إثبات الطيرة على كل من تطير ، مع أن أول الحديث نفي لذلك .
قال الإمام ابن عبدالبر ـ رحمه الله تعالى ـ في بيان ذلك : ( فإن قال قائل : قد روى زهير بن معاوية عن عتبة بن حميد ... ـ وذكر حديث أنس رضي الله عنه ـ .. وقال : هذا يوجب أن تكون الطيرة في الدار والمرأة والفرس لمن تطير . قيل له ـ وبالله التوفيق ـ : لو كان كما ظننت لكان الحديث ينفي بعضه بعضا ؛ لأن قوله » لا طيرة « نفي لها ، وقوله » والطيرة على من تطير « إيجاب لها ، وهذا محال أن يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا من النفي والإثبات في شيء واحد ووقت واحد ، ولكن المعنى في ذلك : نفي الطيرة بقوله » لا طيرة « ، وأما قوله » والطيرة على من تطير « فمعناه : إثم الطيرة على من تطير بعد علمه بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الطيرة ، وقوله فيها « إنها شرك ، وما منا إلا ، ولكن الله يذهبه بالتوكل » ، فمعنى هذا الحديث عندنا ـ والله أعلم ـ أن من تطير فقد أثم ، وإثمه على نفسه في تطيره ؛ لترك التوكل وصريح الإيمان ؛ لأنه يكون ما تطير به على نفسه في الحقيقة ؛ لأنه لا طيرة في الحقيقة )[31] .
الجواب الخامس :
أن المعنى هو إخبار عن الأسباب المثيرة للطيرة الكامنة في الغرائز ، وأنها بهذه الثلاث ، أخبر بها ليحذر منها ، فالحوادث التي تكثر مع هذه الأشياء والمصائب التي تتوالى عندها تدعو الناس إلى التشاؤم بها .[32]
فالمعنى : أن أكثر ما يقع الشؤم عند الناس هو بهذه الأمور الثلاثة ؛ وذلك لطول الملازمة ، ووقوع المصاحبة ، فمن تشاءم بشيء من هذه الأمور فقد شابه أهل الجاهلية .
الجواب السادس :
أن هذه الثلاث تكون في الغالب محال وظروف لحصول المكروه للمرء بحكم طول الملازمة والمصاحبة ، فيكون المحل حين يقع المكروه عنده ملازما لذلك المكروه ، فيقع الشؤم بذلك ، لا أن ذلك المحل هو السبب لوقوع ذلك المكروه .
فالمعنى منصرف إلى كون هذه الثلاث قد يقع الشؤم بها لكونها محالا لوقوع المكروه ، وقد تقرر النهي عن الطيرة والتشاؤم من قوله وفعله صلى الله عليه وسلم .
قال الإمام الخطابي ـ رحمه الله تعالى ـ : ( وإنما هذه الأشياء محال وظروف جعلت مواقع لأقضيته ، ليس لها بأنفسها وطباعها فعل ولا تأثير في شيء ، إلا أنها لما كانت أعم الأشياء التي يقتنيها الناس ، وكان الإنسان في غالب أحواله لا يستغني عن دار يسكنها وزوجة يعاشرها وفرس يرتبطه ، وكان لا يخلو من عارض مكروه في زمانه ودهره ، أضيف اليمن والشؤم إليها إضافة مكان ومحل ، وهما صادران عن مشيئة الله سبحانه )[33] .
الجواب السابع :
أن المراد بذلك ليس ثبوت الشؤم في هذه الأمور مطلقا ، وإنما ما يكون منها من أعيان ممحوقة البركة ، فيكون الشر غالبا فيها ، وهي لطول ملازمة المرء لها يظل أثر ذلك ملازما له ، فيقضي حياته معذبا بذلك .
والإسلام جاء رحمة للعباد ، فرخص لمن هذه حاله مفارقة ما يكون شؤمه غالبا على نفسه ؛ حتى تطيب نفسه ، ويزول عنه ما يكره .
ولذلك فليس المقصود بذلك مطلق المرأة ومطلق الدار ومطلق الفرس ، كيف والنبي صلى الله عليه وسلم قد أمر الذين تشاءموا من دارهم بالتحول إلى دار غيرها ! وكذلك لا يمكن أن يعيش المرء بلا دار ، ولم يكن هذا في الشرع أبدا !
وكذلك قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ، وقد شرع لأمته أن يتزوجوا ، وحث الشباب على ذلك ، فلو كانت كل امرأة مشؤومة لكان في هذا إبطال لذلك كله .
وكذلك الخيل قد أخبر صلى الله عليه وسلم أنها تكون مباركة لصاحبها حين يراعي حق الله تعالى فيها ، فقال : ( الخيل لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر ، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال بها في مرج أو روضة فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات ، ولو أنه انقطع طيلها فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له ، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقي كان ذلك حسنات له ، فهي لذلك أجر ، ورجل ربطها تغنيا وتعففا ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي لذلك ستر ، ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام فهي على ذلك وزر )[34] .
وقال عليه الصلاة والسلام : ( البركة في نواصي الخير )[35] .
فالمراد إذً ليس هو مطلق هؤلاء الثلاث ، وإنما ما قد يكون في ذلك من السوء مما يجعله شؤما ملازما لمن صاحبه .
ومما يدل على ذلك ما رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من سعادة ابن آدم ثلاثة ، ومن شقوة بن آدم ثلاثة ، من سعادة بن آدم : المرأة الصالحة ، والمسكن الصالح ، والمركب الصالح ، ومن شقوة بن آدم : المرأة السوء ، والمسكن السوء ، والمركب السوء )[36] .
فالحديث دال دلالة صريحة على معنى الشؤم الذي يكون بهؤلاء الثلاث ، وأنه ليس من الرمي بالغيب كما هو حال الطيرة والشؤم المنهي عنه ، ولكنه سبب بيّن معلوم ، كما لو قلت : المعاصي شؤم على مرتكبها ، وسوء الخلق شؤم على صاحبه ، والابن العاق شؤم على والديه ... وهكذا .
فما دام أن الشؤم الذي قد يقع بهؤلاء الثلاث قد جاء مفسرا بما هو سبب ظاهر له فلا يكون من باب الطيرة التي كان عليها أهل الجاهلية ، والتي هي من القذف بالغيب ، وخوض المرء بما ليس له به علم ، ولا له عليه دليل من الوحي المنزل أو الأسباب القدرية التي جعلها الله تعالى سننا للعباد يربطون بها الأسباب بمسبَّباتها .
ولقد جاء عن بعض السلف تفسير ذلك الشؤم المذكور في هذه الثلاث ، فقد روى عبدالرزاق في مصنفه عن معمر : سمعت من يفسر هذا الحديث يقول : شؤم المرأة إذا كانت غير ولود ، وشؤم الفرس إذا لم يغز عليه ، وشؤم الدار جار السوء .[37]
قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ : ( وبالجملة فإخباره بالشؤم أنه يكون في هذه الثلاثة ليس فيه إثبات الطيرة التي نفاها ، وإنما غايته أن الله سبحانه قد يخلق منها أعيانا مشؤومة على من قاربها وسكنها ، وأعيانا مباركة لا يلحق من قاربها منها شؤم ولا شر ، وهذا كما يعطى سبحانه الوالدين ولدا مباركا يريان الخير على وجهه ، ويعطى غيرهما ولدا مشؤما نذلا يريان الشر على وجهه ، وكذلك ما يعطاه العبد من ولاية أو غيرها ، فكذلك الدار والمرأة والفرس ، والله سبحانه خالق الخير والشر ، والسعود والنحوس ، فيخلق بعض هذه الأعيان سعودا مباركة ويقضى سعادة من قارنها وحصول اليمن له والبركة ، ويخلق بعض ذلك نحوسا يتنحس بها من قارنها ، وكل ذلك بقضائه وقدره كما خلق سائر الأسباب وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة ، فكما خلق المسك وغيره من حامل الأرواح الطيبة ولذذ بها من قارنها من الناس ، وخلق ضدها وجعلها سببا لإيذاء من قارنها من الناس ، والفرق بين هذين النوعين يدرك بالحس ، فكذلك في الديار والنساء والخيل ، فهذا لون والطيرة الشركية لون آخر )[38] .
قلت : وأظهر ما تقدم من جواب هو في الأول والثاني والسابع ، والله تعالى أعلم .
وبذا يصان الحديث عن الظنون الكاذبة التي يدعيها الأعداء ويقبلها الجهلاء .
والله ولي التوفيق .
-------------------------------------
[1]) رواه البخاري في الطب ـ باب لا عدوى ـ رقم 5772 ، ومسلم في السلام ـ باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم ـ رقم 2225 عن ابن عمر رضي الله عنهما .
[2]) البخاري في النكاح ـ باب ما يتقى من شؤم المرأة ـ رقم 5093 ، ومسلم في السلام ـ باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم ـ رقم 2225 عن ابن عمر رضي الله عنهما .
[3]) البخاري في النكاح ـ باب ما يتقى من شؤم المرأة ـ رقم 5094 ، ومسلم في السلام ـ باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم ـ رقم 2225 عن ابن عمر رضي الله عنهما . .
[4]) مسلم في السلام ـ باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم ـ رقم 2225 عن ابن عمر رضي الله عنهما .
[5]) مسلم في السلام ـ باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم ـ رقم 2225 عن جابر رضي الله عنه .
[6]) مالك في الموطأ ـ كتاب الاستئذان ـ باب ما يتقى من الشؤم 2/972 ، وعبدالرزاق في المصنف 10/411 .
[7]) رواه أحمد في المسند 6/150 ، 240 ، والطحاوي في مشكل الآثار 1/341 .
[8]) رواه أحمد في المسند 6/246 ، والحاكم في المستدرك 2/521 وصححه ووافقه الذهبي . وصححه الألباني كما في سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/594 .
[9]) رواه أبو داود الطيالسي في مسنده ص 215 ورقم 1537 ، والطبراني في مسند الشاميين 4/343 .
[10]) السلسلة الصحيحة 2/594
[11]) انظر : تقريب التهذيب لابن حجر ص 559 .
[12]) انظر : تهذيب التهذيب لابن حجر 9/367 .
[13]) تهذيب الآثار 3/27 رقم 70 .
[14]) مفتاح دار السعادة 2/254 .
[15]) فتح الباري 6/61 .
[16]) الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة ص 128 .
[17]) رواه البخاري في الجهاد والسير ـ باب ما يذكر من شؤم الفرس ـ رقم 2859 ، ومسلم في السلام ـ باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم ـ رقم 2226 .
[18]) رواه أحمد في المسند 1/180 ، وابن حبان في صحيحه 13/497 ، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/313 .
[19]) تقدم تخريجه ص
[20]) رواه ابن حبان في صحيحه 13/492 .
[21]) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار 4/314 .
[22]) نهذيب الآثار 3/34 .
[23]) شرح معاني الآثار 4/314 .
[24]) سلسلة الآحاديث الصحيحة 443 .
[25]) نيل الأوطار 7/209 .
[26]) فتح الباري 6/72 ، وانظر مفتاح دار السعادة لابن القيم 2/256 .
[27] انظر : مختلف الحديث لابن قتيبة ص 104 وما بعدها .
[28]) المفهم 5/629 .
[29]) تقدم تخريجه ص
[30]) انظر : مفتاح دار السعادة 2/256 .
[31]) التمهيد 9/284 .
[32]) انظر : مفتاح دار السعادة 2/257 .
[33]) أعلام الحديث للخطابي 2/1379 .
[34]) رواه البخاري في المساقاة ـ باب شرب الناس والدواب من الأنهار ـ رقم 2371 ، ومسلم في الزكاة ـ باب إثم مانع الزكاة ـ رقم 987 عن أبي هريرة رضي الله عنه .
[35]) رواه البخاري في الجهاد والسير ـ باب الجهاد معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ـ رقم 2851 ، ومسلم في الإمارة ـ باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ـ رقم 1874 .
[36]) رواه أحمد في المسند 1/168 وأبو داود الطيالسي في مسنده ص 29 رقم 210 ، والحاكم في المستدرك 2/157 وصححه ووافقه الذهبي .
[37]) مصنف عبدالرزاق 10/411 .
[38]) مفتاح دار السعادة 2/257 .