المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "يسوعيان" في الفاتيكان بابا أبيض وآخر أسود


نور الإسلام
09-04-2013, 07:54 AM
الخميس 2 جمادي الأول 1434هـ - 14 مارس 2013م
http://dam.alarabiya.net/images/030d2822-397c-4c70-afe8-085128d55b4e/142/185/1?x=0&y=0 أنطوان خليل عون (http://www.alarabiya.net/authors/%D8%A3%D9%86%D8%B7%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%84-%D8%B9%D9%88%D9%86.html)

انتخب مجمعُ الكرادلة رئيسَ أساقفة بوينس آيرس الكاردينال اليسوعي جورج برغوليو باباً للكنيسة الكاثوليكية خلفاً للبابا المستقيل بنديكتوس السادس عشر. البابا الجديد اختار اسم فرنسيس لحبريّته تيمّناً بالقديس الإيطالي فرنسيس الأسيزي الذي تخلّى عن حياة الترف ليعيش حياة فقر مع المحتاجين.
هذا الخط انتهجه الكاردينال جورج قبل أن يصير بابا الفاتيكان، فهو رفض الإقامة في دار المطرانية الفخمة في العاصمة الأرجنتينية مفضّلاً السكن في منزل متواضع، وخدم الفقراء، وكان يطهو طعامه بنفسه ويستخدم وسائل النقل العام.
تجدر الإشارة الى أنها المرة الوحيدة التي يصل فيها راهب يسوعي إلى السدّة البطرسية، في وقت يُوصف الرئيس العام للرهبانية اليسوعية بالبابا الأسود؛ لكونه يُنتخب لمدى الحياة مثل بابا روما، ويلبس ثوب رهبنته الأسود ليقود أكبر رهبانية في العالم.
مفاجأة غير متوقّعة

شكّل انتخاب البابا الجديد مفاجأةً بالنسبة إلى كثير من المتخصصين في الشأن الفاتيكاني، لكون التوقعات كانت تشير الى أن المطلوب بابا أصغر سناً، وكان متوقعاً أن يكون من خارج أمريكا اللاتينية خصوصاً أن الكرادلة الأوروبيين لديهم ستون صوتاً من أصل مئة وخمسة عشر صوتاً في الهيئة الناخبة. كذلك فشل الكرادلة الإيطاليون في إيصال مرشح بديل من أمريكا اللاتينية كانوا يدعمونه بقوة هو الكاردينال البرازيلي أوليدو شيرير بدلاً من مرشحهم القوي الكاردينال أنجلو سكولا، في حال لم يضمنوا فوزه.
صحيفة "واشنطن بوست" نقلت عن مسؤول رسمي في الكنيسة الكاثوليكية أن برغوليو حصد في عملية الاقتراع الأولى ثلاثين صوتاً، وهو ما أعطاه دفعاً قوياً في الدورات اللاحقة، بعدما فشل المرشحون الآخرون في تأمين الأكثرية المطلوبة أي سبعة وسبعين صوتاً، في اليوم الثاني لانعقاد المجمع الانتخابي.
وكان الكاردينال برغوليو حاز ثاني نسبة أصوات في الانتخابات الماضية التي فاز فيها الكاردينال راتزنغر الذي أصبح بعد ذلك البابا بنديكتوس السادس عشر. البابوان الحالي والسابق يُعتبران انتقاليين في الكنيسة، بالنظر الى سنّهما. الأول (76 عاماً) صحّته ضعيفة يتنفّس برئة واحدة، بعدما انتزعت منه رئة بسبب التهاب حاد أصيبت به، والبابا الثاني (77 عاماً عندما انتُخب) وهو ما اضطره الى الاستقالة في سن الخامسة والثمانين لأسباب صحية، كما قال.
من هنا تبرز الحاجة الى تعيين أمين سرّ لحاضرة الفاتيكان يكون شاباً ونشيطاً لإعانته في إدارة شؤون نحو مليار ونصف مليار كاثوليكي في العالم.
مواقف الكاردينال برغوليو

للبابا الجديد علاقات مميّزة مع أبناء الجاليات العربية اللبنانية في الأرجنتين، من مسيحيين ومسلمين خصوصاً الجالية اللبنانية، حيث يربو عدد المتحدّرين من أصل لبناني على المليون ونصف مليون شخص، ويضع في مكتبه صورة القديس اللبناني شربل مخلوف. يؤمن البابا فرنسيس بالحوار بين الأديان، على غرار فرنسيس الأسيزي الذي زار في مصر خامس السلاطين الأيوبيين الكامل ناصر الدين محمد في عام 1219، وفتح حواراً صادقاً معه في زمن الحروب الصليبية وخرج من عنده وقد فاز بصداقته.
وقف الكاردينال برغوليو بقوة ضد لاهوت التحرير الذي انطلق من أمريكا اللاتينية على يد بعض الأساقفة والكهنة أمثال رئيس أساقفة السلفادور أوسكار أرنولد روميرو، واللاهوتي البرازيلي ليوناردو بوف، وغوستاف غويتياريز من البيرو, وهو لاهوت نهل الكثير من الأفكار الماركسية وحاول تكييفها مع اللاهوت المسيحي لذلك رفضته الكنيسة ووصفته باللاهوت الأحمر.

كذلك وقف البابا الجديد الى جانب الفاتيكان ضد كهنوت النساء وزواج مثليّي الجنس، وإن كان فشل في منع إقراره في الأرجنتين، وعُرف عنه أيضاً رفضه للموت الرحيم. كذلك أنّب الكاردينال برغوليو بعض كهنته لأنهم رفضوا منح المعمودية لأطفال وُلدوا من أمهات عازبات ( بلا عقد زواج).
برغوليو ردّ على الاتهامات

في المقابل، يرى البعض أن موقف الأسقف برغوليو لم يكن حازماً بما فيه الكفاية حيال بطش الحكم العسكري في الأرجنتين إبان الصراع الدامي بين اليسار واليمين في سبعينيات القرن الماضي. وفي العام ألفين وخمسة اتهم محام أرجنتيني الكاردينال برغوليو بالاشتراك مع عناصر من الجيش في خطف راهبين يسوعيين. الراهبان المذكوران أعفاهما برغوليو من مهامهما قبل أسبوع من خطفهما بسبب أفكارهما التي لم تعد تتفق مع عقيدة الكنيسة، وقد وُجدا بعد 5 أشهر مرميّين في إحدى ضواحي بيونس أيريس. ورفض متحدث باسم الكاردينال برغوليو وقتها الاتهامات الموجّهة إليه وانتهت القضية بردّ الدعوى لكن الضجة استمرت في الإعلام.
وفي العام ألفين وعشرة وفي حديث مطوّل لصحيفة أرجنتينية، أعلن الكاردينال برغوليو أنه التقى سرّاً بقائد الجيش الأسبق الجنرال السابق خورخي فيديلا الذي حكم البلاد بالقوة في سبعينيات القرن الماضي وقائد سلاح بحريته الأميرال اميليو ماسيّرا وطالبهما بإخلاء سبيل الكاهنين المخطوفين.
وكشف أيضاً أنه كان يساعد بعض المعارضين على الاختباء حتى لا يقعوا في قبضة الجيش بسبب أرائهم السياسية. وفي العام الماضي فُتحت قضية خطف أطفال على يد النظام العسكري الذي كان يحكم الأرجنتين في سبعينيات القرن الماضي، وأدلى بعض الشهود بأن المطران برغوليو كان يعلم بأمر خطف الأطفال والتزم الصمت حيال ذلك.
في المقابل يُحييّ كثيرون في البابا الجديد تواضعه، حيث فاجأ في العام ألفين وواحد إدارة مستشفى مونيز في بيونس أيريس طالباً جرّة ماء لغسل أرجل اثني عشر مريضاً يعانون من الإيدز، ثم قبّل أرجلهم، في رتبة تُعرف بالغِسل على غرار ما فعل السيد المسيح مع تلاميذه، قبل العشاء الأخير معهم.