المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإمام العلامة النووي


نور الإسلام
26-04-2013, 04:01 PM
هو الإمام الجليل الحافظ شيخ الإسلام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مرِي بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حزام، النووي نسبة إلى بلدته (نوى) وهي قرية من قرى حوران في سوريا، شيخ المذاهب وكبير الفقهاء في زمانه.

ولد الإمام الجليل(رحمه اللّه تعالى) في محرم سنة 631 هـ :1233م في قرية نوى من أبوين صالحين، ولما بلغ الإمام الجليل العاشرة من عمره بدأ في حفظ القرآن الكريم وقراءة الفقه لعدد من العلماء، وصادف أن مر بتلك القرية الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي، فرأى الصبيان يكرِهونه على اللعب وهو يهرب منهم ويقرأ القرآن، فذهب إلى والده ونصحه أن يفرغه لطلب العلم، فاستجاب له.

وفي سنة 649 هـ قَدم مع أبيه إلى دمشق لاستكمال تحصيله العلمي في مدرسة دار الحديث، وسكن المدرسة الرواحية، وهي ملاصقة للمسجد الأموي. وفي عام 651 هـ حج مع أبيه ثم رجع إلى دمشق.

أجمع أصحاب كتب التراجم أن الإمام الجليل كان رأساً في الزهد، وقدوة في الورع، وعديم النظير في مناصحة الحكام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

تفرغ الإمام الجليل من شهوة الطعام واللباس والزواج، ووجد في لذة العلم التعويض الكافي عن كل ذلك.

وفي حياة الإمام الجليل أمثلة كثيرة تدل على الورع الشديد، منها أنه كان لا يأكل من فواكه دمشق، ولما سئل عن سبب ذلك قال: إنها كثيرة الأوقاف، والأملاك لمن تحت الحجر شرعاً، ولا يجوز التصرّف في ذلك إلا على وجه الغبطة والمصلحة، وفيها اختلاف بين العلماء. ومن جوزها قال: بشرط المصلحة والغبطة لليتيم والمحجور عليه، فكيف تطيب نفسي؟. واختار النزول في المدرسة الرواحية على غيرها من المدارس لأنها كانت من بناء بعض التجار.

وكان لدار الحديث راتب كبير فما أخذ منه شيئا، بل كان يجمعه عند ناظر المدرسة، وكلما صار له حق سنة اشترى به ملكاً ووقفه على دار الحديث، أو اشترى كتباً فوقفها على خزانة المدرسة، ولم يأخذ من غيرها شيئاً.

لقد توفرت في الإمام الجليل صفات العالم الناصح الذي يجاهد في سبيل اللّه بلسانه، ويقوم بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو مخلص في مناصحته وليس له أي مصلحة شخصية، وكان الإمام الجليل شجاع لا يخشى في اللَّه تعالى أحدا، وكان يملك البيان والحجة لتأييد دعواه.

وكان الناس يرجعون إليه في الملمات ويستفتونه، فكان يقبل عليهم ويسعى لحل مشكلاتهم.

تميزت حياة الإمام الجليل العلمية بعد وصوله إلى دمشق بعدة أمور: منها: الجد في طلب العلم والتحصيل في أول نشأته وفي شبابه. سعة علمه وثقافته، وقد جمع إلى جانب الجد في الطلب غزارة العلم والثقافة المتعددة غزارة إنتاجه، اعتنى الإمام الجليل بالتأليف وبدأه عام 660 هـ، وكان فى الثلاثين من عمره، وقد بارك اللّه تعالى له في وقته وأعانه، فأذاب عصارة فكره في كتب ومؤلفات عظيمة ومدهشة، تلمس فيها سهولة العبارة، وسطوع الدليل، ووضوح الأفكار.

ومن أهم مؤلفاته: شرح صحيح مسلم. والمجموع شرح المهذب، ورياض الصالحين. وتهذيب الأسماء واللغات وغيرها الكثير.

رحل الإمام الجليل عن الحياة في الرابع والعشرين من شهر رجب عام 676هـ - 1277م، بعد أن عاد مرة أخري إلي مسقط رأسه في بلدة نوى، وذلك بعد أن رد الكتب المستعارة من الأوقاف وزار المقابر الخاصة بشيوخه ودعا لهم وهذا رمز للوفاء من الإمام الجليل لمن قام بتعليمه وتوجيهه العلمي على مدار حياته وعندما أكمل جولته عاد إلي بيته حيث مرض وتوفاه الله، ولقد حزن عليه المسلمون عامة والمسلمون الدمشقيون خاصة ورثاه العديد من الأشخاص. رحم الله إماما جليلاً لم يدخر وسعاً في تحصيل العلم وتعليمه،