المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مواقف دعوية


نور الإسلام
20-05-2013, 11:12 AM
ذهبت إلى الطائف قبل سنوات واضطررت أن أزور المنطقة الصناعية لعمل عطل يسير في سيارتي استمر إصلاحه أقل من ساعة، وكان معي أحد الشباب وناول العامل العربي كتابا، فانفجر بالدعاء وقال: لي هنا خمسة عشر سنة ولا أصلي مطلقا ولم يناولني أحد كتابا إلا اليوم.
قلنا: إن صدق الرجل فتلك مصيبتان عظيمتان: مصيبة ترك الصلاة، ومصيبة عدم دعوته
شاب جعل هدفه منذ عشر سنوات خدمة الفقراء والأيتام في الأحياء الفقيرة، وبدأ هذا العمل وهو طالب في الجامعة، ثم استمر حتى أذن له بإنشاء مبرة خيرية في وسط الحي، ولا يزال بنفس الهمة والنشاط، بل ويعرف الفقراء والأيتام بأسمائهم فردًا فردًا، وقد جعل مع التوزيع الشهري كتابًا وشريطًا حتى يجتمع لدى المحتاجين غذاء للقلب والجسم.
تؤانس طريقك في السفر لوحات جانبية صغيرة كتب عليها عبارات تذكر بالتسبيح أو التهليل أو التكبير أو الصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم وهذه تزيل وحشة الطريق وتذكر الغافل، فطوبى لمن قام بها وأحسن الله إليه كما أحسن إلى المسافرين، وبعضهم فكر أن يقوم بعمل مثل هذه الكلمات الطيبة في اللوحات الإرشادية في المدن، وذلك باستئجار اللوحات الدعائية بمبلغ من المال.
* أحدهم ذهب إلى موقف النقل الجماعي وسلم للإدارة مجموعة كبيرة من أشرطة القرآن الكريم واشتراط عليهم جعلها في الحافلات المغادرة حتى يسمع الركاب كتاب الله عز وجل، وزودهم بعد حين بأشرطة العلماء والمشايخ وخص الحافلات المسافرة إلى مكة بأشرطة توضح صفة العمرة والحج.
قصة عجيبة ذكرها لي أحد الأفراد العاملين في دعوة الجاليات قال: ذهبت إلى فندق لمقابلة شخص وانتظرته في صالة الفندق، وكان بجواري رجل فلبيني تجاذبت وإياه أطراف الحديث وقال لي: أقوم الآن ببناء مسجد في الفلبين، يقول الداعية لما ذكر لي حال المسجد وكم تبقى من المبالغ أدخلت يدي في جيبي وأخرجت ورقة وكانت من فئة الخمسمائة ريال، قال: فنازعتني نفسي، المبلغ كبير، وقد يكون الرجل غير صادق، لماذا الحماس والعاطفة السريعة؟ ولكن لما رأيته شاهد الخمسمائة ريال استحييت منه ودفعتها له، وقلت: هذه مساعدة لبناء المسجد، قال: فأعادها إلي وقال: أنا أبني المسجد من مرتبي ولا أقبل أن يدخل معي أحد، وكل شهر أستقطع من مرتبي لبناء هذا المسجد.
قال الداعية: فزاد حزني على سوء الظن وما نالني من البخل والشح.
* إحداهن تسعى إلى إسعاد الفقراء والمساكين وتفريج كربهم، وإدخال السرور على نفوسهم، يوما قالت لأحد أبنائها: هذه مئتا ريال اشتر مطبقا “نوع من الأكل) واذهب به إلى هذه البيوت بعد صلاة العشاء مباشرة حتى يفرح الفقراء مع أطفالهم بهذه الوجبة التي ربما لم يسمعوا عنها، أو سمعوا عنها ولم يأكلوها.
* مع كثرة ما نراه من الملتزمين إلا أن عملهم في الدعوة إلى الله عز وجل قليل جدا، ولذا كثر الخبث وزادت الشرور وتعالى أهل الفسق والفجور.
وأذكر أني قد زرت مكتبا من مكاتب الجاليات ودار الحديث عن منطقة صناعية بجوارهم وماذا قدموا للعاملين الذي لا يأتون إليهم، قال لي مدير المكتب: توجد لدينا سيارة “حافلة) فاملؤوها بالكتب ونجعل معك عاملاً يساعدك، فقط نريد شخصًا سعوديًا يكون في المقدمة للحديث والهيبة وحتى تكون الأمور متكاملة ودارت الأيام وكلما رأيت مجموعة من الشباب ذكرت لهم حاجة المكتب؛ وحسب علمي أنه لم يأتهم أحد بشكل مستمر.
وبدون هذه القصة نتساءل: كم عدد مكاتب الجاليات وعدد مكاتب المؤسسات الخيرية والإغاثية وجمعيات البر في مدينة الرياض مثلا أو جدة؟ إنها أعداد مباركة، لكن كم عدد العاملين بها من المتعاونين مقارنة بعدد الملتزمين في الرياض؟ إنهم قليل جدا مع تنوع الفرص ومواقع هذه المكاتب واختلاف طرق العمل وغيرها.
بمعنى أن هناك فرص كثيرة متاحة، لكن من يعملون قلة وقلة جدا، وقارن واسأل لتتأكد، ثم الطامة الكبرى أين يذهب الملتزمون الذين لا يعملون في الدعوة، إنه ضياع أوقات وجلسات غيبة ونميمة وقل منهم من استفاد من وقته في تحصيل علم، أو بر والدين، أو عمل دعوي فردي، أو غير ذلك.


من كتاب كيف أخدم الإسلام ؟ .. للمؤلف عبد الملك القاسم