المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحلة تيه | (الحلقة 28) الطيبي: العودة إلى اسبانيا


نور الإسلام
27-07-2014, 11:25 AM
رحلة تيه | (الحلقة 28) الطيبي: في طنجة قادني حب للسينما إلى التمثيل إذ أديت دور زعيم مافيا

http://www.tangerinter.com/wp-content/uploads/2014/07/28-620x354.jpg
صورة التقطت للطيبي عند تمثيله دور زعيم المافيا



طنجة انتر 26 يوليو 2014 ( 10:15 )



http://www.tangerinter.com/wp-content/uploads/2014/07/10476992_860580530636634_1389943976_n-620x757.jpg (http://www.tangerinter.com/wp-content/uploads/2014/07/10476992_860580530636634_1389943976_n.jpg)

محمد الطيبي (خيسوس ماريا ديلا أوليفا)



محمد الطيبي، أو خيسوس ماريا ديلا أوليفا.. اسمان لشخص واحد قد لا تتكرر قصة حياته الفريدة مع أي شخص آخر، فالطفل الذي ولد في أربعينيات القرن الماضي بإحدى القرى الجبلية بمنطقة العرائش، سيجد نفسه وسط مغامرة تتلوها مغامرات، مؤلمة في أغلب الأحيان، ومضحكة في مناسبات قليلة، أما في مرات أخرى، فيصر صاحبها على تحويل مبكياتها إلى مضحكات..
حياة قاسية قضاها الطيبي منتقلا بين القرى الجبيلة، باحثا عن حنان لم يكد يعرفه يوما بعدما انفصل والداه مبكرا، ليدخل مرحلة توهان عاطفي اقتادته إلى حضن أسرة إسبانية، لتتدخل يوما ما يد “مخزنية” قاسية، ستزيد من الأمر تعقيدا وسترمي به دون أن يدري إلى الكنيسة وعوالم التنصير.. هي رحلة طويلة وغريبة لهذا الشخص وسط عالم المسيحية، والأغرب منها إصراره على أنه كان “راهبا مسلما”.
لكنه ما كاد يخرج من هاته المغامرة حتى دخل في مغامرة لا تقل غموضا، عندما انضم إلى الجيشين الإسباني والمغربي، وبينهما سيقوده حظه الغريب إلى وحشة المعتقل السري ورعب انقلاب الصخيرات، ملتقيا بأسماء لطالما تحدث عنها التاريخ الأمني والعسكري للمغرب، غير جازم في أي خانة تصنف…



الحلقة السابعة والعشرون:

في طنجة أيضا قادك عشقك للسينما إلى خوض مغامرة التمثيل، احك لنا عن ذلك.
كان هناك صديق لي يدعى حميدو، يقطن في شارع فاس، ويهوى إخراج الأفلام.. قدم إلي ذات مرة إلى الاستوديو عندما كنت مصورا، وطلب مني أن أعد له ملصقات فيلم جديد، واقترح علي ان أمثل معه في هذا الفيلم، وهو طبعا فيلم للهواة، فوافقت لأن حلمي كان هو التمثيل، وكان الفيلم يدور حول صراع المافيا وأنا مثلت شخصت دور زعيم مافيوزي قوي، وأتذكر أني في إحدى اللقطات كنت اضرب الطاولة بعنف عندما أعلم بمصادرة بضاعتي (ضاحكا).. واتفقت مع حميدو على ان أتقاضى 1000 درهم، نصفها ثمن الملصقات..
وهل نجح الفيلم؟
نعم، نجح جدا، أتذكر أن سينما موريتانيا كانت تعج بالجماهير عند عرض الفيلم.. لكن حميدو خدعني، فلم يدفع لي مستحقاتي، وأنا سأزوره عند انتهاء حواري معك اليوم وسأذكره بما في ذمته (ضاحكا).. (الحوار كان في يناير 2013).
في 1989، بعد خمس سنوات من وجودك في طنجة، ونجاحك في عملك، ستعاود الرجوع إلى إسبانيا، فماذا استجد؟
إنه قدر غريب، فقد عاود الاستبداد ملاحقتي لينغص علي حياتي، فمرة قدم موظف في مصلحة الضرائب إلى الاستوديو، ولما التقطت له صورا أصر على أن يأخذهم بالمجان، فلما أعددت له التوصيل بقيمة 20 درهما، صار يقول لي “أنا مسؤول في الضرائب ولا يجدر بك قول هذا الكلام لي”، فأجبت بأني أدفع كل ضرائبي ولا أتهرب، ولا علاقة لذلك بثمن الصور، وكان هذا الشخص متسلطا ومعتادا على أخذ كل شيء بالمجان، فتوعدني بالانتقام وبالتسبب في إفلاسي.
فجأة بدأت أسترجع كل متاعب السنوات الماضية، وتيقنت من أن وعيد هذا الشخص سيطالني لا محالة، فقررت الاستسلام، وبحثت عمن يشتري مني المحل، فقدمت أرملة من أسرة شهيرة بامتلاكها لاستديوهات التصوير في طنجة، واقترحت علي تعليم ابنها الحرفة مقابل أن تقتني مني الاستوديو فوافقت.
وموازاة مع ذلك علمت من أحد معارفي في القنصلية الإسبانية أن الحكومة هناك ستطبق نظام التأشيرة على الراغبين في ولوجها من المغرب، فتوجهت إلى محام وأطلعته على حكايتي، وبدوره توجه إلى قادس بالأندلس وسأل محاميا مختصا في الشؤون العسكرية، فطلب منه شهادة تعميدي، فلما حصلت عليها عبر أحد الأصدقاء من سبتة، سأتوصل بجواب من المحامي الإسباني يؤكد أن العفو العام قد صدر في حق جميع الجنود المتابعين في عهد فرانكو.
توجهت مباشرة إلى مالقا، ولم أكن متأكدا من أن العفو شملني، حتى أني ودعت زوجتي وسلمت لها مفاتيح المحل، وعندما وصلت وتأكدت من الخبر شرعت في إعداد البطاقة الوطنية الإسبانية بمدينة “توري مولينوس”.
بعدها عدت لتعليم الشاب وبيع المحل، إلى حين صدور بطاقتي الشخصية، ثم عدت إلى “توري مولينوس” لاستلامها، وعند عودتي إلى المغرب مررت على والداي بالتبني في سبتة اللذان كانا لا يزالان على قيد الحياة، حيث سلمت عليهما وترك لديهما بطاقتي الوطنية.
لكن مشكلتك مع الجندية لم تنته بعد؟
نعم، فعندما بدأت إجراءات إعداد جواز السفر عبر المحامي في إسبانيا، سأتوصل باستدعاء يطلب مني الحضور عاجلا، فلما ذهبت سألني مسؤول الأمن بمصلحة الجوازات عن مشاكلي مع الجيش، فحكيت له ما جرى، فبعث برسالة إلى مديره للاستفسار، وظللت أنتظر الجواب 4 ساعات، كنت أظن خلالها أني سأسجن لا محالة، إلى أن جاء الفرج، فنلت جوازي، وكان اليوم هو 24 دجنبر، أي مناسبة أعياد الكريسماس، فنلت الجواز ومعه تهنئة بالعيد، وكانت في الحقيقة تهنئة بنهاية مشكلتي مع الجواز وبداية لحياتي الجديدة التي أعيشها إلى الآن، حيث استقريت في إسبانيا وبالضبط في سرقسطة التي أعيش فيها إلى الآن.
قبل أن نبدأ الحديث عن حياتك في سرقسطة، قلت لي أنك التقيت والدك من جديد، متى كان ذلك؟
كان ذلك مباشرة بعد أن افتتحت استوديو التصوير، حيث بحثت عنه في القصر الكبير، وأتيت به إلى طنجة، وكان لا يزال رجلا باردا كما عهدته.. وقد أخذته لزيارة الطبيب لأنه كان مريضا ثم أخذته في جولة بطنجة، والتقطت له صورا لا زلت احتفظ بها، وكانت تلك آخر مرة التقيت فيها به إلى أن توفي.
لماذا اخترت سرقسطة للاستقرار بها نهائيا؟
كان هناك صديق إسباني حميم سهل لي إجراءات السكن والعمل، حيث عملت مصورا لفترة قصيرة، ثم اشتغلت كهربائيا، قبل أن أنظم إلى شركة نظافة، حيث عملت منظفا ليليا لمستودع سيارات، وهو العمل الذي ظللت فيه إلى حين تقاعدي، حيث نعمت بأجرة جيدة ضمنت لي الاستقرار وتكوين أسرة.
كنت قد انفصلت حينها عن زوجتك الأولى؟
نعم فقد كنا قد اتفقنا على الطلاق في المغرب، بسبب عدم قدرتها على الإنجاب، وانفصلنا بشكل ودي، حيث ساعدتها على القدوم إلى إسبانيا، إذ تزوجت بها زواجا كنسيا، صوريا طبعا، حتى يسهل عليها الحصول على وثائق الإقامة، بعد أن تعذر الأمر بواسطة الزواج المغربي، وفعلا قدمتْ إلى هنا وتزوجتْ بعد انفصالنا، وأدعو لها بالسعادة في حياتها.