نور الإسلام
13-01-2012, 07:50 PM
محمد حسين يعقوب
إن كثيرا من العصاة يعيشون سعادة وهمية زائلة مؤقتة.. بل على التحقيق أنها ليست بسعادة.. إذا رأيت رجلا يستلذ بالتراب عن شهي الطعام والحلوى.. هل تحكم عليه بسلامة الحس أم بسقمه..؟! إن الذي يأكل التراب يستلذ به أو الحجارة فتكون شهوته، لا شك أنه سقيم.. مريض يحتاج الى علاج.. وكذلك من يتلذذ بالمعاصي.. إنه يشعر بذلك، لا لأن المعاصي لذيذة، وليس لأن السيئات ممتعة وإنما لكون قلبه قد صار فاسدا.. فاللهم أصلح قلوبنا..
فهذا يحتاج الى إصلاح قلبه.. فمثله كمثل الرجل في مكان دبغ الجلود فإنه لا يشم الرائحة الكريهة إلا عندما يخرج منه..
وهذا العاصي مثله فنقول له: أخرج من المعاصي.. تب الى الله فعندها ستعرف سوء ما كنت عليه وقبح ما كنت تفعل.. كم من العصاة قال حين تاب: كم كنت قذرا.. كم كنت سيئا.. كم كنت خاسرا.. كم كنت لاهيا.. كم كنت غافلا.. إنه بذلك يعلم! يقينا ـ أن ما كان عليه عين الباطل وأنه قد كان غافلا أو مغفلا.. فاللهم تب على عصاة المسلمين.
وأسوق إليك ـ أخي في الله ـ بعض كلمات التائبين نقلتها بنصها من كتاب "العائدون الى الله" لمحمد المسند:
· كنت أبكي ندما على ما فاتني من حب الله ورسوله.. وعلى تلك الأيام التي قضيتها بعيدة عن الله عز وجل. (إمرأة مغربية أصابها السرطان وشفاها الله منه).
· نعم لقد كنت ميتا فأحياني الله ولله الفضل والمنة. (الشيخ أحمد القطان).
· وعزكن على التوبة النصوح والاستقامة على دين الله.. وأن أكون داعية خير بعد أن كنت داعية شر وفساد..
وفي ختام حديثي أوجهها نصبحة صادقة لجميع الشباب فأقول: يا شباب الاسلام لن تجدوا السعادة في السفر ولا في المخدرات والتفحيط.. لن تجدوها أو تشموا رائحتها إلا في الالتزام والاستقامة.. في خدمة دين الله، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
ماذا قدمتم ـ يا أحبة ـ للإسلام؟ أين آثاركم؟ أهذه رسالتكم؟
شباب الجيل للإسلام عودوا فأنتم روحه وبكم يسود
وأنتم سر نهضته قديما وأنتم فجره الزاهي الجديد
(من شباب التفحيط سابقا).
· كما أتوجه الى كل أخت غافلة عن ذكر الله.. منغمسة في ملذات الدنيا وشهواتها أن عودي الى الله ـ أخيّة ـ فوالله إن السعادة كل السعادة في طاعة الله. ( طالبة تائبة).
· وختاما؛ أقول لكل فتاة متبرجة.. أنسيت أم جهلت أن الله مطلع عليك؟! أنسيت أم جهلت أم تجاهلت أن جمال المرأة الحقيقي في حجابها وحيائها وسترها؟! (فتاة تائبة).
· كما أصبحت بعد الالتزام أشعر بسعادة تغمر قلبي فأقول: بأنه يستحيل أن يكون هناك إنسان أقل مني التزاما أن يكون أسعد مني.. ولو كانت الدنيا كلها بين عينيه.. ولو كان من أغنى الناس.. فأكثر ما ساعدني على الثبات ـ بعد توفيق الله ـ هو إلقائي للدروس في المصلى، بالإضافة الى قراءتي عن الجنة بأن فيها ما لا عين رأت .. ولا أذن سمعت.. ولا خطر على قلب بشر.. من اللباس والزينة.. والأسواق والزيارات بين الناس.. وهذه من أحب الأشياء الي قلبي.. فكنت كلما أردت أن أشتري شيئا من الملابس التي تزيد عن حاجتي أقول: ألبسها في الآخرة أفضل.
( فتاة انتقلت من عالم الأزياء الى كتب العلم والعقيدة).
· وقد خرجت من حياة الفسق والمجون .. الى حياة شعرت فيها بالأمن والأمان والاطمئنان والاستقرار. (رجل تاب بعد موت صاحبه).
· وانتهيت الى يقين جازم حاسم.. أنه لا صلاح لهذه الأرض.. ولا راحة لهذه البشرية.. ولاطمأنينة لهذا الانسان.. ولا رفعة، ولا بركة، ولا طهارة.. إلا بالرجوع الى الله..
واليوم أتساءل.. كيف كنت سأقابل ربي لو لم يهدني؟!!!! (طالبة تائبة).
· بدأ عقلي يفكر وقلبي ينبض وكل جوارحي تناديني: اقتل الشيطان والهوى.. وبدأت حياتي تتغير.. وهيئتي تتبدل.. وبدأت أسير على طريق الخير.. وأسأل الله أن يحسن ختامي وختامكم أجمعين..
( شاب تاب بعد سماعه لقراءة للشيخ علي جابر ودعائه).
· إذا علم هذا.. فاعلم أن حاجة العبد الى أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا في محبته.. ولا في خوفه.. ولا في رجائه.. ولا في الحلف به.. ولا في التوكل عليه.. ولا في العمل له.. ولا في الحلف به.. ولا في النذر له.. ولا في الخضوع له.. ولا في التذلل والتعظيم والسجود والتقرب.. أعظم من حاجة الجسد الى روحه.. والعين الى نورها، بل ليس لهذه الحاجة نظير تقاس به.. فإن حقيقة العبد روحه وقلبه.. ولا صلاح لها إلا بإلهها الذي لا إله إلا هو.. فلا تطمئن في الدنيا إلا بذكره.. وهي كادحة اليه كدحا فملاقيته، ولا بد من لقائه.. ولا صلاح لها إلا بمحبتها وعبوديتها له.. ورضاه وإكرامه لها..
ولو حصل للعبد من اللذات والسرور بغير الله ما حصل .. لم يدم له ذلك.. بل ينتقل من نوع الى نوع.. ومن شخص الى شخص.. ويتنعم بهذا في وقت .. ثم يعذب به ولا بد في وقت آخر.
وكثيرا ما يكون ذلك الذي يتنعم به ويتلذذ به غير منعّم له ولا ملذ.. بل قد يؤذيه اتصاله به ووجوده عنده ويضره ذلك.. وإنما يحصل له بملابسته من جنس ما يحصل للجرب من لذة الأظفار التي تحكه.. فهي تدمي الجلد وتخرقه.. وتزيد في ضرره.. وهو يؤثر ذلك لما في حكها من اللذة..
وهذا ما يتعذب به القلب من محبة غير الله هو عذاب عليه ومضرة وألم في الحقيقة لا تزيد لذته على لذة حك الجرب.. والعاقل يوازن بين الأمرين ويؤثر أرجحهما وأنفعهما..
والله الموفق المعين وله الحجة البالغة كما له النعمة السابغة. " طريق الهجرتين" إبن القيم ص 77.
إخوتاه.. إن الجزاء من جنس العمل.. والله سبحانه وتعالى يفرح بتوبتك.. فإذا تبت أعقبك سعادة عظيمة.. جزاء منهلك على توبتك.. ففي الحدث المشهور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:" لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة . معه راحلته . عليها طعامه وشرابه . فنام فاستيقظ وقد ذهبت . فطلبها حتى أدركه العطش . ثم قال : أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه . فأنام حتى أموت . فوضع رأسه على ساعده ليموت . فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده طعامه وشرابه . فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده". دوية: أي بريّة لا نابت فيها. الراوي: عبدالله بن مسعود - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2744
إنني أريدك ألا تمر على هذا الحديث كونك عرفته أو سمعته كثيرا.. يجب أن تتوقف معه لتتأمل المعنى كأنك تسمعه لأول مرة.. كيف بلغ به الفرح حتى يخطئ فيقول: اللهم أنت عبدي وأنا ربك؟!.. كم كانت فرحته عندئذ فأخطأ.. بكم تقدّر.. إنها لا تقدّر.. إنها أعظم من أن توصف.. وهذا دليل على أن حب الله للعبد أشد من حب العبد لله.. انتبه.. ففي طي هذه الكلمات من المعاني ما لا تحيط به الألفاظ.. إن الله يحبه فيفرح بتوبته.. والجزاء من جنس العمل..
تأمل ـ أخي التائب ـ فالله يفرح لأنك تبت.. فيجازيك بأن يفرحك ويسعدك.. وإذا أردت شاهدا لهذا فانظر الى الفرحة التي يجدها التائب توبة نصوحا.. والسرور واللذة التي تحصل له.. فإنه لما تاب الى الله ففرح الله بتوبته أعقبه فرحا عظيما.. لذلك.. فإنك تجد التائب في منتهى السعادة.. في قمة الراحة.. في أعظم النشوة.. هذا عن التائب توبة نصوحا.
أما التائب بمجرد الكلام فهذا شيء آخر.. ليس عليه مدار الحديث هنا.. بالله عليك هل وجد أسعد حالا وأقرّ عينا من عبد لله لم يتعلق قلبه إلا بالله؟!.. يقوم الليل فيصلي ويناجي ربه.. ثم يصبح فيدخل المسجد ويجلس ليذكر ربه.. ثم يعود فينام هنيئا يتعبد بنومه يرجو الثواب بالنوم.. يقول ـ كمعاذ ـ أنام أول الليل فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم فأقرأ ما كتب الله لي فأحتسب قومتي كما أحتسب نومتي". أخرجه البخاري( 4342)، ( 4345) كتاب المغازي باب بعث أبي موسى ومعاذ الى اليمن قبل حجة الوداع.
أهذا أمّن ليس في قلبه سوى المرأة والمال.. السيارة والعمارة.. الجار والجارة.. الصديق والصديقة.. والعشيق والعشيقة؟!! أيهما أسعد يا ترى؟!.. تفكروا أيها العقلاء.. أيهما أسعد..؟! رجل يقول: إلهي.. ربي.. سيدي، فيقول الله له: لبيك عبدي.. أم رجل قد تعلق قلبه بإمرأة تسومه سوء العذاب.. أو مال يرغم أنفه في التراب.. أو بالمنصب فذاق بسببه الوبال.. من السعيد..؟!! من السعيد حقا..؟!!
إن السعيد حقا هو الطائع لله.
إن كثيرا من العصاة يعيشون سعادة وهمية زائلة مؤقتة.. بل على التحقيق أنها ليست بسعادة.. إذا رأيت رجلا يستلذ بالتراب عن شهي الطعام والحلوى.. هل تحكم عليه بسلامة الحس أم بسقمه..؟! إن الذي يأكل التراب يستلذ به أو الحجارة فتكون شهوته، لا شك أنه سقيم.. مريض يحتاج الى علاج.. وكذلك من يتلذذ بالمعاصي.. إنه يشعر بذلك، لا لأن المعاصي لذيذة، وليس لأن السيئات ممتعة وإنما لكون قلبه قد صار فاسدا.. فاللهم أصلح قلوبنا..
فهذا يحتاج الى إصلاح قلبه.. فمثله كمثل الرجل في مكان دبغ الجلود فإنه لا يشم الرائحة الكريهة إلا عندما يخرج منه..
وهذا العاصي مثله فنقول له: أخرج من المعاصي.. تب الى الله فعندها ستعرف سوء ما كنت عليه وقبح ما كنت تفعل.. كم من العصاة قال حين تاب: كم كنت قذرا.. كم كنت سيئا.. كم كنت خاسرا.. كم كنت لاهيا.. كم كنت غافلا.. إنه بذلك يعلم! يقينا ـ أن ما كان عليه عين الباطل وأنه قد كان غافلا أو مغفلا.. فاللهم تب على عصاة المسلمين.
وأسوق إليك ـ أخي في الله ـ بعض كلمات التائبين نقلتها بنصها من كتاب "العائدون الى الله" لمحمد المسند:
· كنت أبكي ندما على ما فاتني من حب الله ورسوله.. وعلى تلك الأيام التي قضيتها بعيدة عن الله عز وجل. (إمرأة مغربية أصابها السرطان وشفاها الله منه).
· نعم لقد كنت ميتا فأحياني الله ولله الفضل والمنة. (الشيخ أحمد القطان).
· وعزكن على التوبة النصوح والاستقامة على دين الله.. وأن أكون داعية خير بعد أن كنت داعية شر وفساد..
وفي ختام حديثي أوجهها نصبحة صادقة لجميع الشباب فأقول: يا شباب الاسلام لن تجدوا السعادة في السفر ولا في المخدرات والتفحيط.. لن تجدوها أو تشموا رائحتها إلا في الالتزام والاستقامة.. في خدمة دين الله، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
ماذا قدمتم ـ يا أحبة ـ للإسلام؟ أين آثاركم؟ أهذه رسالتكم؟
شباب الجيل للإسلام عودوا فأنتم روحه وبكم يسود
وأنتم سر نهضته قديما وأنتم فجره الزاهي الجديد
(من شباب التفحيط سابقا).
· كما أتوجه الى كل أخت غافلة عن ذكر الله.. منغمسة في ملذات الدنيا وشهواتها أن عودي الى الله ـ أخيّة ـ فوالله إن السعادة كل السعادة في طاعة الله. ( طالبة تائبة).
· وختاما؛ أقول لكل فتاة متبرجة.. أنسيت أم جهلت أن الله مطلع عليك؟! أنسيت أم جهلت أم تجاهلت أن جمال المرأة الحقيقي في حجابها وحيائها وسترها؟! (فتاة تائبة).
· كما أصبحت بعد الالتزام أشعر بسعادة تغمر قلبي فأقول: بأنه يستحيل أن يكون هناك إنسان أقل مني التزاما أن يكون أسعد مني.. ولو كانت الدنيا كلها بين عينيه.. ولو كان من أغنى الناس.. فأكثر ما ساعدني على الثبات ـ بعد توفيق الله ـ هو إلقائي للدروس في المصلى، بالإضافة الى قراءتي عن الجنة بأن فيها ما لا عين رأت .. ولا أذن سمعت.. ولا خطر على قلب بشر.. من اللباس والزينة.. والأسواق والزيارات بين الناس.. وهذه من أحب الأشياء الي قلبي.. فكنت كلما أردت أن أشتري شيئا من الملابس التي تزيد عن حاجتي أقول: ألبسها في الآخرة أفضل.
( فتاة انتقلت من عالم الأزياء الى كتب العلم والعقيدة).
· وقد خرجت من حياة الفسق والمجون .. الى حياة شعرت فيها بالأمن والأمان والاطمئنان والاستقرار. (رجل تاب بعد موت صاحبه).
· وانتهيت الى يقين جازم حاسم.. أنه لا صلاح لهذه الأرض.. ولا راحة لهذه البشرية.. ولاطمأنينة لهذا الانسان.. ولا رفعة، ولا بركة، ولا طهارة.. إلا بالرجوع الى الله..
واليوم أتساءل.. كيف كنت سأقابل ربي لو لم يهدني؟!!!! (طالبة تائبة).
· بدأ عقلي يفكر وقلبي ينبض وكل جوارحي تناديني: اقتل الشيطان والهوى.. وبدأت حياتي تتغير.. وهيئتي تتبدل.. وبدأت أسير على طريق الخير.. وأسأل الله أن يحسن ختامي وختامكم أجمعين..
( شاب تاب بعد سماعه لقراءة للشيخ علي جابر ودعائه).
· إذا علم هذا.. فاعلم أن حاجة العبد الى أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا في محبته.. ولا في خوفه.. ولا في رجائه.. ولا في الحلف به.. ولا في التوكل عليه.. ولا في العمل له.. ولا في الحلف به.. ولا في النذر له.. ولا في الخضوع له.. ولا في التذلل والتعظيم والسجود والتقرب.. أعظم من حاجة الجسد الى روحه.. والعين الى نورها، بل ليس لهذه الحاجة نظير تقاس به.. فإن حقيقة العبد روحه وقلبه.. ولا صلاح لها إلا بإلهها الذي لا إله إلا هو.. فلا تطمئن في الدنيا إلا بذكره.. وهي كادحة اليه كدحا فملاقيته، ولا بد من لقائه.. ولا صلاح لها إلا بمحبتها وعبوديتها له.. ورضاه وإكرامه لها..
ولو حصل للعبد من اللذات والسرور بغير الله ما حصل .. لم يدم له ذلك.. بل ينتقل من نوع الى نوع.. ومن شخص الى شخص.. ويتنعم بهذا في وقت .. ثم يعذب به ولا بد في وقت آخر.
وكثيرا ما يكون ذلك الذي يتنعم به ويتلذذ به غير منعّم له ولا ملذ.. بل قد يؤذيه اتصاله به ووجوده عنده ويضره ذلك.. وإنما يحصل له بملابسته من جنس ما يحصل للجرب من لذة الأظفار التي تحكه.. فهي تدمي الجلد وتخرقه.. وتزيد في ضرره.. وهو يؤثر ذلك لما في حكها من اللذة..
وهذا ما يتعذب به القلب من محبة غير الله هو عذاب عليه ومضرة وألم في الحقيقة لا تزيد لذته على لذة حك الجرب.. والعاقل يوازن بين الأمرين ويؤثر أرجحهما وأنفعهما..
والله الموفق المعين وله الحجة البالغة كما له النعمة السابغة. " طريق الهجرتين" إبن القيم ص 77.
إخوتاه.. إن الجزاء من جنس العمل.. والله سبحانه وتعالى يفرح بتوبتك.. فإذا تبت أعقبك سعادة عظيمة.. جزاء منهلك على توبتك.. ففي الحدث المشهور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:" لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة . معه راحلته . عليها طعامه وشرابه . فنام فاستيقظ وقد ذهبت . فطلبها حتى أدركه العطش . ثم قال : أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه . فأنام حتى أموت . فوضع رأسه على ساعده ليموت . فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده طعامه وشرابه . فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده". دوية: أي بريّة لا نابت فيها. الراوي: عبدالله بن مسعود - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 2744
إنني أريدك ألا تمر على هذا الحديث كونك عرفته أو سمعته كثيرا.. يجب أن تتوقف معه لتتأمل المعنى كأنك تسمعه لأول مرة.. كيف بلغ به الفرح حتى يخطئ فيقول: اللهم أنت عبدي وأنا ربك؟!.. كم كانت فرحته عندئذ فأخطأ.. بكم تقدّر.. إنها لا تقدّر.. إنها أعظم من أن توصف.. وهذا دليل على أن حب الله للعبد أشد من حب العبد لله.. انتبه.. ففي طي هذه الكلمات من المعاني ما لا تحيط به الألفاظ.. إن الله يحبه فيفرح بتوبته.. والجزاء من جنس العمل..
تأمل ـ أخي التائب ـ فالله يفرح لأنك تبت.. فيجازيك بأن يفرحك ويسعدك.. وإذا أردت شاهدا لهذا فانظر الى الفرحة التي يجدها التائب توبة نصوحا.. والسرور واللذة التي تحصل له.. فإنه لما تاب الى الله ففرح الله بتوبته أعقبه فرحا عظيما.. لذلك.. فإنك تجد التائب في منتهى السعادة.. في قمة الراحة.. في أعظم النشوة.. هذا عن التائب توبة نصوحا.
أما التائب بمجرد الكلام فهذا شيء آخر.. ليس عليه مدار الحديث هنا.. بالله عليك هل وجد أسعد حالا وأقرّ عينا من عبد لله لم يتعلق قلبه إلا بالله؟!.. يقوم الليل فيصلي ويناجي ربه.. ثم يصبح فيدخل المسجد ويجلس ليذكر ربه.. ثم يعود فينام هنيئا يتعبد بنومه يرجو الثواب بالنوم.. يقول ـ كمعاذ ـ أنام أول الليل فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم فأقرأ ما كتب الله لي فأحتسب قومتي كما أحتسب نومتي". أخرجه البخاري( 4342)، ( 4345) كتاب المغازي باب بعث أبي موسى ومعاذ الى اليمن قبل حجة الوداع.
أهذا أمّن ليس في قلبه سوى المرأة والمال.. السيارة والعمارة.. الجار والجارة.. الصديق والصديقة.. والعشيق والعشيقة؟!! أيهما أسعد يا ترى؟!.. تفكروا أيها العقلاء.. أيهما أسعد..؟! رجل يقول: إلهي.. ربي.. سيدي، فيقول الله له: لبيك عبدي.. أم رجل قد تعلق قلبه بإمرأة تسومه سوء العذاب.. أو مال يرغم أنفه في التراب.. أو بالمنصب فذاق بسببه الوبال.. من السعيد..؟!! من السعيد حقا..؟!!
إن السعيد حقا هو الطائع لله.