من لكِ ؟؟
من لكِ ؟؟
د. عبدالرحمن العشماوي مَنْ لي، ومَنْ لصغيرتي وصغيري ** في زحمةِ الغاراتِ والتفجيرِ؟ مَنْ لي، إذا هَجَم الظلامُ، وليس لي** إلاَّ رُكام المنزلِ المطمور مَنْ لي، إذا جُنَّ الرَّصاص وأتقنتْ ** لغةُ المَدافعِ لهجةَ التدمير؟ وإذا تبدَّلتِ المعالمُ كلُّها ** وتحيَّرتْ في الأمر عينُ بَصيرِ؟ وإذا تراءى وجهُ كلِّ رزيَّةٍ ** والأهلُ بين مُجندَلٍ وأَسير؟ يا عصرَ مَرْكَبَةِ الفَضاءِ، أما ترى ** في الأرض وجهَ فقيرةٍ وفقيرِ؟! أَوَما ترى في الأرض بغياً ظاهراً ** يبني على المأساة دارَ فجورِ؟! أَوَ ما تشاهد في الملاجئ صورةً ** للبؤس تغلب صَبْرَ كلِّ صَبور؟ يا عَصْرَ مركبةِ الفضاءِ، إلى متى ** تغزو الفضاءَ بعقلكَ المغرور؟ وإلى متى تجتازُ حدَّكَ غافلاً ** عمَّا وراءَ الكونِ من تدبيرِ؟ انْظُرْ إلى الأرض التي أشعلتَها ** بالمُوبقاتِ وبالهوى المَسْعور لا تَنْسَ أنَّ الأرضَ تحتَكَ تشتكي ** من بَغْي طاغوتٍ وكُفْر كَفورِ يا مَنْ رفعتم للفضاءِ رؤوسَكم ** والأرض منكم في أشدِّ نُفور صوغوا قوانينَ الحروب لبعضكم ** لكنْ، دعوا عيشي بلا تكدير أنا والصِّغارُ على الرَّصيفِ، وأنتمو** تتدارسونَ وسائلَ التَّغييرِ وتناقشون بدايةَ الحربِ التي ** ستزيد من قتلٍ ومن تَهجير فَلْتعقدوا آلافَ مؤتمراتكم ** وَلْتُلْحِقُوا التقريرَ بالتقريرِ لكنْ، هَبُوني كسرةً من خبزةٍ ** نَسيتْ متى خرجتْ من التنُّور وإذا تكرَّمْتُم برُبْعِ وسادةٍ ** وإذا تكرَّمْتُم برُبْعِ وسادةٍ فأنا أَنام على الجنادلِ والثَّرى ** وعلى رَصاص الغارةِ المنثور يا عصرَ مَرْكَبَةِ الفَضاءِ إلى متى** تلقى مآسينا بموتِ ضَمير؟ وإلى متى يبقى فؤادُكَ قاسياً ** وإلى متى تبقى بغيرِ شعورِ؟ هلاَّ قرأتَ ملامحَ الأمِّ التي ** ذَبُلَتْ محاسنُ وجهها المذعورِ هلاَّ استمعْتَ إلى بكاءِ صغيرها ** وإلى أَنينِ فؤادها المفطورِ هلاَّ نظرتَ إلى دموع عَفافها ** وإلى جناحِ إبائها المكسور أنا يا دُعاةَ الحربِ أُمٌّ، يا تُرى **هل تفهمون دِلالةَ التَّعبيرِ؟! خوفي على الأطفالِ أحرق مُهجتي** فأنا وهم في خندقٍ محفورِ زوجي تَخطَّفه الرَّصاصُ عشيَّةً ** فمضى بفرحةِ خاطري وسروري وأبي العزيزُ تناثرتْ أَشلاؤه ** في يومِ قَصْفٍ غاشمٍ مَسْعورِ أنا أمُّ أَطفالٍ صغارٍ، لم تَزَلْ ** مأوى، ولم تَظْفَرْ بعطفِ مُجيرِ؟ هرَبتْ من القَصْف الشديد فواجهتْ ** شَبَحَ الفَناءِ وظُلْمةَ الدَّيْجور أنا أمُّ أطفالٍ صغارٍ لم تجدْ ** مأوى، ولم تَظْفَرْ بعطفِ مُجيرِ؟ أوَما سمعتم صرختي وتوجُّعي ** أوَما فهمتم ما يقول صغيري؟ إني أقول لكلِّ صاحبِ حكمةٍ ** فيكم، وكلِّ مفوَّضٍ وسَفيرِ: أَتُعاقبونَ بنا الجُناةَ، أَما لكم ** وعيٌ يقوِّم منهجَ التَّفكير؟! أَيُحارَبُ الإِرهابُ بي وَبِصِبْيَتي ** وبقطع أعناقٍ وطَعْنِ ظُهور؟! أَوَ كلَّما ارتكبَ الجُناةُ جريمةً **هُدِمَتْ على درب الأنين جُسوري؟! وتحطَّمتْ آمالُ أَطفالي بما ** نَلْقاه من رُعْبٍ ومن تَقتير؟ ماذا يُفيد غذاؤكم، إنْ لم أجدْ ** أَمْناً، ولم أسمعْ نَشيدَ طيورِ؟ عَجَباً لكم، أَمِنَ الحَضارةِ ما أرى ** من حَمْلةِ الإِرجافِ والتَّشهيرِ؟ أنا لستُ أعرفُ للحضارة صورةً ** مرسومةً بالوهم والتزويرِ أَنا أمُّ أطفالٍ صغارٍ فارحموا **- معنى الأمومةِ واعذروا ( تَقصيري ) أختاه يا أُمَّ الصِّغار تعلَّقي ** باللهِ، إنَّ اللهَ خَيْرُ نَصير في لحظةِ اليأس العميقةِ، حينما ** نهفو إليه، يجود بالتيسير قولي معي أُختاه قَوْلَة مؤمنٍ ** لا ينثني لوسائل التخدير: كم أُمةٍ سكرتْ بكأسِ غرورها ** ذَهَبَ الإله بجيشها الأُسطوري |
الساعة الآن 12:14 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir