طريق الخلاص
>
إسلاميات
>
أبواب الدعوة
>
خطب إسلامية
خطبة ليوم الجمعة : إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ
اسم العضو
حفظ البيانات؟
كلمة المرور
التسجيل
التعليمـــات
التقويم
خطب إسلامية
من خطب الدعاة وعلماء الدين والشيوخ الصالحين
الذهاب إلى الصفحة...
خطبة ليوم الجمعة : إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ
الخطبة المذاعة والموزعة بتاريخ 16 جمادى الآخرة 1434هـ الموافق 26 / 4 / 2013م الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، ذِي الْفَضْلِ وَالإِنْعَامِ وَالتَّمْكِينِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
21-06-2013 ~ 02:43 PM
خطبة ليوم الجمعة : إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ
مشاركة رقم
1
مدير عام
تاريخ التسجيل :
Jan 2012
عدد مشاركاتي : 4,728
خطبة ليوم الجمعة : إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ
الخطبة المذاعة والموزعة بتاريخ
16 جمادى الآخرة 1434هـ الموافق 26 / 4 / 2013م
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، ذِي الْفَضْلِ وَالإِنْعَامِ وَالتَّمْكِينِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ وَعَدُوُّ الْكَافِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، آخَى بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَدَعَاهُمْ إِلَى حَبْلِ اللهِ سِرّاً وَإِعْلاَناً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَأَصْحَابِهِ الْمُبَارَكِينَ، الَّذِينَ كَانُوا لَهُ عَلَى الْحَقِّ أَنْصَاراً وَأَعْوَاناً، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، وَاحْذَرُوا الْفُرْقَةَ وَتَجَنَّبُوا الاِخْتِلاَفَ فِي الدِّينِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى:
)
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ
(
[الأنفال:46].
مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ:
لَقَدْ أَكْرَمَنَا رَبُّنَا - عَزَّ وَجَلَّ - بِهَذَا الدِّينِ، وَشَرَّفَنَا بِهِ مِنْ بَيْنِ الْعَالَمِينَ، فَهُوَ أُسُّ وَحْدَتِنَا، وَأَصْلُ عِزَّتِنَا، وَيَنْبُوعُ نَهْضَتِنَا، فَلَقَدْ عَلَّمَنَا اللهُ بِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ، وَهَدَانَا بِهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ، وَكَثَّرَنَا بِهِ بَعْدَ الْقِلَّةِ، وَأَعَزَّنَا بِهِ بَعْدَ الذِّلَّةِ، بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنِ الْعَرَبُ قَبْلَ الإِسْلاَمِ يَعْرِفُونَ لِلتَّوْحِيدِ دَلِيلاً، وَلاَ لِلْوَحْدَةِ سَبِيلاً، فَجَمَعَ الإِسْلاَمُ عَلَى التَّوْحِيدِ شَمْلَهُمْ، وَوَحَّدَ عَلَى الْحَقِّ رَايَتَهُمْ، حَتَّى أَضْحَوْا خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، كَمَا وَصَفَهَا رَبُّهَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ:
)
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
(
[آل عمران:110]. وَقَدْ ذَكَّرَهُمُ اللهُ ـ جَلَّ جَلاَلُهُ ـ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ العُظْمَى، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْكُرُوهُ عَلَيْهَا وَيُحَافِظُوا عَلَى ثَمَرَاتِهَا، وَيَتَجَنَّبُوا كُلَّ مَا يُذْهِبُ رِيحَهُمْ، وَيُفَرِّقُ جَمْعَهُمْ، وَيَسْلُبُ نِعْمَتَهُمْ؛ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ:
)
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
(
[آل عمران:103].
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ مِنْ أَخَصِّ خَصَائِصِ دِينِنَا الْعَظِيمِ, وَمِنْ أَشْرَفِ مَا دَعَانَا إِلَيْهِ كِتَابُ رَبِّنَا الْكَرِيمِ: التَّلاَحُمَ وَالتَّكَاتُفَ, وَالتَّـآخِيَ وَالتَّـآلُفَ, قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ:
)
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
(
[الحجرات:10], وَقَالَ رَسُولُ اللهِ
r
: «
الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ: لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ, وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا].
وَيُشَبِّهُ لَنَا رَسُولُنَا الْكَرِيمُ, عَلَيْهِ أَفْضَلُ الْصَّلاَةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ, هَذَا الارْتِبَاطَ الْوَثِيقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ, وَالتَّوَاصُلَ الْعَمِيقَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ, بِالْجَسَدِ الْوَاحِدِ الَّذِي إِنْ أَصَابَ الْمَرَضُ جُزْءًا مِنْهُ, لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَذُوقَ طَعْمَ النَّوْمِ وَالرَّاحَةِ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُهُ وَجُزْؤُهُ الَّذِي لاَ يَنْفَصِلُ عَنْهُ, فَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ
r
: «
مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ: إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى
» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. وَيَقُولُ
r
: «
الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً
». وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى
t
].
وَمَا الْمَــــرْءُ إِلاَّ بِإِخْـوَانِــــهِ كَمَا يَقْبِضُ الْكَفُّ بِالْمِعْصَمِ
وَلاَ خَيْرَ فِي الكَفِّ مَقْطُوعَةً وَلاَ خَيْرَ في السَّاعِدِ الأَجْذَمِ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ مِنْ أَقْوَى الرَّوَابِطِ وَأَوْثَقِ الْعُرَى: الشُّعُورُ بِالأُخُوَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ وَمُرَاعَاةُ حُقُوقِهَا، وَتَرْسِيخُ مَعَانِيهَا فِي الْقُلُوبِ وَالْعُقُولِ، وَمُمَارَسَتُهَا وَاقِعاً بَيْنَ أَفْرَادِ الشَّعْبِ الْمُسْلِمِ. وَقَدْ أَكَّدَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الأُخُوَّةَ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ وَأَثْنَى عَلَى أَهْلِهَا، فَقَالَ سُبْحَانَهُ:
)
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
(
[التوبة:71]. وَعَنْ أَنَسٍ
t
أَنَّ النَّبِيَّ
r
قَالَ: «
لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ
» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. وَلاَ يَخْفَى مَا لِلإِصْلاَحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَثَرٍ عَظِيمٍ فِي إِزَالَةِ الشَّحْنَاءِ وَالْعَدَاوَاتِ، وَتَطْهِيرِ الْمُجْتَمَعِ مِنْ أَوْضَارِ الشِّقَاقِ وَالنِّزَاعَاتِ، وَإِقَامَةِ مُجْتَمَعٍ سَلِيمٍ مُعَافىً مِنَ الْعِلَلِ الْبَاطِنَةِ، وَالأَدْوَاءِ الظَّاهِرَةِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى:
)
وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
(
[الحجرات:9-10].
إِخْوَةَ الإِسْلاَمِ:
وَعَلَى الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَعَامَلَ بِأَخْلاَقِ الإِسْلاَمِ التَّيِ تَهْدِي إِلَى الْفَضِيلَةِ، وَيَبْتَعِدَ عَنِ الأَخْلاَقِ السَّيِّئَةِ الَّتِي تَقُودُ إِلَى الرَّذِيلَةِ؛ لِيَعِيشَ الْمُجْتَمَعُ أَعْلَى دَرَجَاتِ الذَّوْقِ وَالرُّقِيِّ وَالتَّلاَؤُمِ، وَيُرْسِيَ دَعَائِمَ الْحَضَارِةِ وَالاِتِّحَادِ وَالتَّلاَحُمِ؛ يَقُولُ الْحَقُّ جَلَّ جَلاَلُهُ:
)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ
(
[الحجرات:11-12].
وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاَقُ مَا بَقِيَتْ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاَقُهُمْ ذَهَبُوا
إِخْوَةَ الْعَقِيدَةِ:
إِنَّ وَحْدَتَنَا كَمُسْلِمِينَ عَلَى الْحَقِّ وَالْفَضِيلَةِ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِنَا، لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُفَرِّطَ فِيهَا، وَنَحْنُ مَسْؤُولُونَ عَنْهَا أَمَامَ اللهِ: أَحَفِظْنَا أَمْ ضَيَّعْنَا؟ فَعَلَيْنَا أَنْ نَعْمَلَ بِجِدٍّ وَإِخْلاَصٍ؛ لِلْحِفَاظِ عَلَيْهَا وَالذَّوْدِ عَنْهَا، فَنَحْنُ فِي سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ إِنْ غَرِقَتْ هَلَكْنَا جَمِيعاً، وَإِنْ نَجَتْ نَجَوْنَا جَمِيعاً، وَلْنَكُنْ يَداً عَلَى مَنْ سِوَانَا؛ فَرَبُّـنَا وَاحِدٌ، وَدِينُنَا وَاحِدٌ، وَكِتَابُـنَا وَاحِدٌ، وَنَبِيُّنَا وَاحِدٌ، وَقِبْلَتُنَا وَاحِدَةٌ، فَعَلاَمَ التَّشَرْذُمُ وَالاِنْقِسَامُ؟!، وَلِمَ النِّزَاعُ وَالْخِصَامُ؟!. وَلْتَكُنْ آمَالُنَا مُشْتَرَكَةً، وَآلاَمُنَا مُقْتَسَمَةً، وَلْتَجْمَعْنَا أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ، وَتْرَبُطْنا رَوَابِطُ الإِيمَانِ، وَلْنَعْتَصِمْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً؛ فَإِنَّهُ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ.
قَالَ نَبِيُّنَا
r
: «
إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاَثاً: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلاَّهُ اللهُ أَمْرَكُمْ
» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَاللَّفْظُ لَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
t
]. فَفِي الاِجْتِمَاعِ الْبَرَكَةُ، وَفِي الفُرْقَةِ الْعَذَابُ، وَيَدُ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ, وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ, وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, الإِلَهُ الْحَقُّ الْمُبِينُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, إِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَخَاتَمُ الْمُرْسَلِينَ, اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ, وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ – عِبَادَ اللهِ - حَقَّ تَقْوَاهُ, وَاعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ وَرِضَاهُ.
أيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
إنَّ مِنْ أعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ عَلَى الْمُسْلِمِ حِينَ يَجِدُ الشِّقَاقَ وَالقَطِيعَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ, أَنْ يَعْمَلَ عَلَى تَوْحيِدِ كَلِمَتِهِمْ, وَجَمْعِ شَمْلِهِمْ, وَرَأْبِ صَدْعِهِمْ, وَإِنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ لَلأَجْرَ الْكَبِيرَ, وَالثَّوَابَ الْوَفِيرَ, مِنْ مَوْلاهُ العَلِيِّ الْقَدِيرِ؛ الَّذِي يَقُولُ جَلَّ شَأْنُهُ:
)
لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاءَ مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً
(
[النساء:114].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ وَحْدَةَ الْمُسْلِمِينَ رِبَاطٌ وَثِيقٌ، لاَ تَنْفَصِمُ عُرَاهُ وَلاَ تَنْفَكُّ عُقْدَتُهُ، قَامَ عَلَى مَبْدَأِ الدِّينِ، وَجَعَلَهُ اللهُ صَرْحًا شَامِخًا مُتَمَاسِكًا؛ لَنْ يُوهِنَهُ بَرْقُ الْمَعَاوِلِ، أَوْ يُهَدِّدَ أَوْصَالَهُ هُبُوبُ الأَعَاصِيرِ وَالرِّيَاحِ.
وَلَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي الْعُصُورِ الذَّهَبِيَّةِ الأُولَى إِخْوَةً مُتَحَابِّينَ، وَأَوْلِيَاءَ مُجْتَمِعِينَ، لاَ يَنْزِعُ أَحَدُهُمْ يَدَهُ مِنْ يَدِ أَخِيهِ، أَوْ يُعْرِضُ عَنْهُ، أَوْ يَنْأَى بِجَانِبِهِ لِيَعِيشَ وَحْدَهُ دُونَ إِخْوَانِهِ، وَإِنْ خَالَفَهُ وَعَارَضَهُ فِي الرَّأْيِ وَالْقَوْلِ، بَلْ كَانُوا مِثَالاً لِلإِخَاءِ وَالْمَوَدَّةِ، وَلَوْ عَلَى حِسَابِ رَاحَتِهِمْ وَمُهْجَتِهِمْ، مُسْتَجِيبِينَ لِهَدْيِ سَيِّدِ الْخَلْقِ
r
إِذْ يَقُولُ: «
إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا
» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ]؛ فَلاَنَتْ لَهُمُ الدُّنْيَا، يَجُوبُونَهَا نَشْرًا لِلْخَيْرِ وَالْقُوَّةِ وَالْحِكْمَةِ وَالْعَدْلِ.
طُوبَى لِشَعْبٍ غَدَا بِالْحَقِّ مُعْتَصِماَ وَحَبَّذَا أُمَّةٌ قَدْ أَنْشَأَتْ رَحِمَا
تَحْمِي الدِّيَارَ وَتَرْعَى الدِّينَ رَابِطَةً يَداً تَذُودُ وَقَلْباً وَاحِداً وَفَمَــا
وَقَدْ جَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلاَقةً خَاصَّةً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ, وَرَابِطَةً سَامِيَةً بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ, فَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ
)
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
(
[الحجرات:10], وَالْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ, فَلاَ رَابِطَةَ أَعْلَى مِنْ رَابِطَةِ الإِيمَانِ, وَلاَ وَشِيجَةَ أَقْوَى مِنْ وَشِيجَةِ الإِسْلاَمِ, وَلِهَذَا كَانَ لِهَذِهِ الأُخُوَّةِ حُقُوقٌ عَظِيمَةٌ, وَوَاجِبَاتٌ كَرِيمَةٌ, بَيَّنَهَا لَنَا رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ, وَوَضَّحَهَا لَنَا رَسُولُهُ الأَمِينُ فِي سُنَّتِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ، قَالَ
r
: «
لاَ تَحَاسَدُوا, وَلاَ تَنَاجَشُوا, وَلاَ تَبَاغَضُوا, وَلاَ تَدَابَرُوا, وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ, وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَاناً. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ, لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا [وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ]. بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ. كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ
» [أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ
t
].
اللَّهُمَّ اجْمَعْ عَلَى الْخَيْرِ قُلُوبَنَا, وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا, وَاغْفِرْ لَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا, إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ, وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ, وَالقَصْدَ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ, وَاجْعَلْنَا مِنَ الْمُعَظِّمِينَ لِحُرُمَاتِكَ, الْحَافِظِينَ لِحُدُودِكَ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ وَأَهْلَهُ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ, وَأَعْلِ كَلِمَةَ الْحَقِّ وَالدِّينِ, وَانْصُرْ أَوْلِيَاءَكَ الْمُوَحِّدِينَ, وَاخْذُلْ أَعْدَاءَكَ الْكَافِرِينَ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا, وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا, وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنا, وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةًَ لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ. اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ احْفَظْهُمَا بِحِفْظِكَ، وَاكْلأْهُمَا بِرِعَايَتِكَ، وَأَلْبِسْهُمَا ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ وَالإِيمَانِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة ودروس الإمام
المصدر:
طريق الخلاص
نور الإسلام
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى نور الإسلام
البحث عن كل مشاركات نور الإسلام
مواقع النشر (المفضلة)
Digg
del.icio.us
StumbleUpon
Google
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1
( الأعضاء 0 والزوار 1)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
انواع عرض الموضوع
الانتقال إلى العرض العادي
العرض المتطور
الانتقال إلى العرض الشجري
تعليمات المشاركة
لا تستطيع
إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع
الرد على المواضيع
لا تستطيع
إرفاق ملفات
لا تستطيع
تعديل مشاركاتك
BB code
is
متاحة
الابتسامات
متاحة
كود [IMG]
متاحة
كود HTML
معطلة
قوانين المنتدى
الانتقال السريع
لوحة تحكم العضو
الرسائل الخاصة
الاشتراكات
المتواجدون الآن
البحث في المنتدى
الصفحة الرئيسية للمنتدى
إسلاميات
هدي الإسلام
أبواب الدعوة
شبكات تواصل دعوية
خطب إسلامية
أبواب التوبة و قصص التائبين
لماذا أسلموا؟؟
المنتديات المسيحية
نصرانيات
لاهوتيات
مناظرات وحوارات
الأخبار والمقالات
أخبار منوعة
الإسلام والعالم
الإسلام في أوروبا
الإسلام في أسيا
الإسلام في أفريقيا
المقالات
مكتبة طريق الخلاص
المكتبة العامة
كتب ومراجع إسلامية
كتب ومراجع مسيحية
المواضيع المتشابهه
الموضوع
كاتب الموضوع
المنتدى
مشاركات
آخر مشاركة
خطبة ليوم الجمعة : وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
نور الإسلام
خطب إسلامية
0
21-06-2013
02:42 PM
خطبة ليوم الجمعة : وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا
نور الإسلام
خطب إسلامية
0
21-06-2013
02:41 PM
خطبة ليوم الجمعة : مُجْتَمَعُ الْعِفَّةِ وَالنَّقَاءِ
نور الإسلام
خطب إسلامية
0
21-06-2013
02:40 PM
خطبة ليوم الجمعة : اغْتِنَامُ الأَوْقَاتِ فِي مَوْسِمِ الاخْتِبَاراتِ
نور الإسلام
خطب إسلامية
0
21-06-2013
02:39 PM
خطبة ليوم الجمعة : سُبُلُ عِلاَجِ ضَعْفِ الإِيمَانِ
نور الإسلام
خطب إسلامية
0
21-06-2013
02:38 PM
الساعة الآن
02:29 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
TranZ By Almuhajir
الأرشيف
الأعلى
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22