أ . د . علي الهيل'
2012-12-10
صهاينة متطرفون حاقدون - على كل الديانات بما فيها الدين اليهودي - خطُّوا عبارات بذيئة عن السيد المسيح (عليه السلام) على جدران الحرم القدسي الشريف، إنتقاما كما يظهر من مواقف المسيحيين الوطنيين الفلسطينيين المتماهية مع مواقف إخوتهم المسلمين من إستمرار الإستيطان، والمطالبة بالقدس عاصمة لدولة فلسطين، و إنهاء أطول وأفظع إحتلال في العالم، إن لم يكن الأكثر دموية على مر التاريخ على الإطلاق، فهو أحد الأكثر دموية. فأولئك العنصريون الفاشستيون أعداء بني البشر كما يصفهم كثير من اليهود المعادين للصهيونية - لا علاقة لهم ببني إسرائيل، قوم سيدنا موسى (عليه السلام) ، وإنْ كانت إستفزازاتهم ضد المسلمين حيناً وضد المسيحيين حيناً آخر قد يُفهم منها تحيزهم لسيدنا موسى (عليه السلام) ، و هذا غير صحيح بالتجربة والواقع،' فسيدنا موسى كليم الله (عليه السلام) براء من تصرفاتهم، لأنه كان إنسانا نبيلاً ضد كل أشكال العنصرية، بما فيها الصهيونية وكان ضد الظلم 'والطغيان والجبروت والمذابح والمجازر وقتل الأطفال الخُدَّج والرضَّع وضد الإحتلال والإستيطان والإحلال والإعتداء، أما هم فكل ذلك وأكثر موثق بالصوت والصورة من قِبَلِ إعلام دول ما يسمى 'بالمجتمع الدولي'، التي تناصرهم وتعينهم على كل ذلك وأكثر من ذلك، بل وأيدت تزويرهم للسوسيولوجيا والأنثروبولوجيا الفلسطينية وللتاريخ كله، إقتداءً بما فعلته أمريكا (من خلال غزو الأوروبيين البيض) إزاء الأمريكيين الأصليين، وهي علاقة (السيكوثيربي) بين الطرفين المتحالفين ضد الإنسانية، وهو الأمر الذي يفسر تحيز أمريكا وأوروبا إلى جانب 'إسرائيل' وتعطيلها أو إبطال مفعول ما بات يُعرف بقرارات الشرعية الدولية لصالح الفلسطينيين والعرب.
ومن ناحية أخرى، الصهاينة أيديولوجيون فاشيون لا علاقة لهم باليهود الشرفاء المعادين للصهيونية والعنصرية والفاشية، وهم كثر في شمال أمريكا وأوروبا وفي 'إسرائيل' نفسها. هم لا يفهمون أن كل أنبياء الله ورسله ينحدرون من شجرة عائلية واحدة، وأن اعتداء على أحد الأنبياء والرسل هو اعتداء على الجميع. ولأنهم ينتمون 'إسرائيل' التي وضعها 'المجتمع الدولي' فوق القانون وفوق الديانات وفوق الشعوب وفوق التاريخ، لاعتقادهم أنهم 'شعب الله المختار' وما عداهم متطفلون على الأرض، فإن بابا الفاتيكان لم ينبس ببنت شفة، مدافعا عن سيدنا عيسى عليه السلام، خشية وهو أمر محتمل أن يُتهم بأنه معادٍ للسامية.
المسلمون يهمهم احترام سيدنا المسيح بالضبط كما يهمهم إحترام سيدنا محمد (صلى الله عليهما وسلم). فقد علمنا ربنا في القرآن الكريم 'لا نفرق بين أحد من رسله'.'ولهذا السبب ثار الفلسطينيون في فناء الحرم القدسي الشريف ثأراً لسيدنا عيسى عليه السلام، بنفس الإحساس الذي دفعهم ليثوروا ثأراً لسيدنا محمد (صلى الله عليه و سلم) ، عندما قام أبترٌ آخر بتشيينِ رسول الله محمد (صلى الله عليه و سلم).' فنحن أوْلى بالمسيح (عليه السلام) من كثير ممن يدعون أنهم مسيحيون، كما أننا أولى بسيدنا موسى (عليه السلام) ، من الصهاينة الذين يدَّعون من غير خجل و لا حياء أنهم يهود، فاليهود ساميون كالعرب وكثير من المسلمين والمسيحيين، وأما هم فأعداء السامية الحقيقيون بالتجربة والواقع أيضاً. إن إسلام المرء و إيمانه لا يكتملان إن لم يؤمن 'بالله وملائكته و كتبه ورسله '.
أستاذ جامعي و كاتب قطري