رحل بطرس وجاء مرقس
محمد جلال القصاص
بسم الله الرحمن الرحيم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
رحل بطرس وجاء مرقس
تواترت الأخبار على إيقاف برامج زكريا بطرس ، والمتابعون على أنها تهدئةً قبل الانتخابات البرلمانية القادمة لتمرير ترشيح نفرٍ من الأقباط ، أو للضغط على البرامج الإسلامية الجديدة التي ترد على بطرس وتكشف دين النصارى ، والمتابعون يتوجسون خيفة من هذه الخطوة ، يقولون إنها مرحلية وقد يعود بعد أن تنتهي الانتخابات البرلمانية وتتوقف البرامج الإسلامية .
وتواترت الأخبار على أن مرقص عزيز بدأ يرقع الخرق الذي أصاب الصف النصراني بعد رحيل بطرس بتأسيس قناة فضائية ومزيدٍ من الحضور في المشهد الإعلامي .
والمشهد يحتاج لمزيدٍ من التدقيق.
شخص زكريا بطرس إفراز لحراك تاريخي نصراني علماني يهودي معادي للإسلام ، فبطرس ليس بجديد ... لم يتكلم بجديد ... لم يأتِ بجديد ، ولك أن تعرف أن ذات الكلام الذي يتحدث به بطرس تحدث به ( يوحنا ذهبي الفم ) من ألفٍ وثلاثِ مئةِ عامٍ ، وتحدث به المستشرقون ، فما هو إلا مردد لأقوالِ نفرٍ سبقوه . وبطرس إفرازٌ لحراكٍ قبطي بدأ من قرنٍ تقريباً فيما عرف بجماعة الأمة القبطية ، فليس هو صانع الحدث ، وإنما يُصنع به الحدث ، فقط يمتاز بطرس بغير قليلٍ من سوء الأدب في التعاطي مع مَن لا يرتضيهم ، وخاصة شخص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
فماذا يعني رحيل بطرس ؟
وماذا يعني استبداله بـ مرقص عزيز ( الأب يوتا ) ؟!
يعني بداهة أن الكنيسة تتحكم في الخارج وتستطيع أن تُسكت هذا أو هذا ، وأن المتكلمين من الخارج تحت مظلة الداخل . فقد كانوا يرددون أن لا سلطان لهم على بطرس ، وأنه ( مشلوح ) لا تتحمل الكنيسة مسئوليته ، وهاهم أولاء يسكتونه بقليل من الجهد .!!
فالحراك كله من الداخل ، أو يخضع لمن بالداخل ، أو بينهما تفاهم .
بطرس فرد في مشهد ، وهناك من أخرج المشهد ، وهناك من جمَّع الحاضرون في المشهد وأنفق عليهم ، ورحيل بطرس لا يعني سوى تغير في العرض لا انتهاء العرض كلية. وهذا التغيير بالأسوأ ، وهو مرقس عزيز . فمرقس عزيز شخصية متعصبة متشنجة ، لا تعرف الحلول الوسط .
ونشاط هذا القس المتعصب مرقس عزيز لا يقتصر فقط على تعاطي الكذب في الحديث عن الإسلام ونبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإنما أيضاً شخصية حركية تعتمد الأساليب الملتوية . فقد شهد بعضهم على أنه هو ( الأب يوتا ) الذي يتكلم بأوقع الكلمات وأخسها على الإسلام ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وسكت هو على هذا بل وامتدح ما يكتبه ( يوتا ) .
وأشد من هذا أن له حضور في الحراك السياسي في أمريكا ، فهو يقود الاحتجاجات التي تحدث من أقباط المهجر أو يتواجد مباركاً لها ، وله تطاول مباشر على شخص رئيس الجمهورية ( هدده بنهاية مشابهة لنهاية السادات والفيديو موجود ومنتشر على الشبكة ) ، وتطاول على الحكومة المصرية ، وعلى المسلمين عموماً . بل دعى صراحةً شباب الأقباط للاستعداد للاستشهاد . وذلك بعد أحداث اسكندرية !!
ومرقس عزيز كذاب من النوع الحركي ، بمعنى أن كذباته تأتي في المجال الحركي ، يكذب كذباً قبيحاً مستفزاً ، فمن كذباته أنه يدعي اغتصاب الفتيات النصرانيات من قبل المسلمين علانيةً وبشكل جماعي متكرر ، ويدعي أن النصارى يذبحون في الشوارع ... وقناته هذه التي بدأت من قريب ليست لتعاطي قضايا فكرية كما كان يفعل زكريا بطرس وإنما كما يقول هو : ( للاهتمام بشأن الأقباط ) ، والخطوط الرئيسية المعلنة للقناة لا يمكن فهمها بغير إثارة الفتنة بين الأقباط .
إنها شخصية مستفزة لأبعد درجة ، وإنها شخصية تدعو علانية للثورة والقتال بين أبناء الوطن . فقدوم مثل هذا لا يعني أبداً تهدئة وإنما تصعيداً . وأرجو ممن يدعون متابعة المشهد النصراني أن لا يكرروا اسطوانة أن الداخل لا علاقة له بالخارج ، فمرقس لم ( يشلح ) كما كان يردَد عن بطرس ، ومرقس يتلقى دعماً من شخصيات رسمية معنية بالصدام الفكري الحالي مع المسلمين كعبد المسيح بسيط وقد أعلن عن ذلك في مداخلة في برنامج ( من قلب مصر ) ، وهو إلى اليوم لم يشلح ، ويتواجد في أمريكا بأمر مباشر من الكنيسة كما يعلن هو .
علينا أن نقرأ الأفعال لا الأقوال ، فمن لا يرتضي فعال بطرس ومرقص من النصارى عليه أن يدلل بأفعاله مع أقواله . على أولئك العقلاء من النصارى أن ينشطوا في فعاليات تثبت مخالفاتهم للكنيسة ، ومن لا يستطيع من الداخل فمن الخارج .
لا ينبغي علينا أن نحسب رحيل بطرس انتصار لنا نحن المهتمين بالتصدي للتطاول النصراني على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، بل جاء لحسابات سياسية لصالح النصارى في كل حال . أو جاء لتراكم المشاكل بينه وبينه سيدته التي يعمل لحسابها ( جويس ماير ) ، ورجوع بطرس في مكانٍ آخر أمر محتمل جداً وخاصة أن معه فريق عمل مدرب ، ولكنه لن يجد ذاك الترحيب لأن فضائحه كثرت . وانتشر كذبه وانتفش .
سلبيات هذه الشخصية المتشنجة التي لا تقبل الآخر ( أعني مرقص عزيز تحديداً ) لن يكون على المسلمين وحدهم ، بل على قومها أيضاً ، فمثل هذه الشخصية لا تقبل المخالف وإن كان نصرانياً مثلها ، ويبدو أن هذه ظاهرة في الجيل القادم من القيادات الكنسية القبطية ، ولتعرف ذلك تابع تطاولهم على ( البروتستانت ) وغيرها من الطوائف الأخرى ، وتابع ما يحدث بداخلهم من صدام عنيف يؤدي إلى انشقاق مستمر ؛ مع الأخذ في الحسبان أنهم على راحةِ غيرهم ، ومثل هؤلاء إن صارت لهم دولة اقتتلوا .
أمر مرقس عزيز أسهل من أمر بطرس ، فقد جاء والناس قد استيقظوا ، ووجه مرقص أسود كالح ، فقومه يتحدثون بأنهم لا يعرفون له أباً أو أماً ، وهو لا يرد على هذا الاتهام ، ونحن نعرف منه الكذب الصريح ، وهو يظن بنفسه القدرة على المواجهة الشاملة مع المسلمين في مصر . فلن يزيد على تأجيج نار الفتنة بين المسلمين والنصارى ، والنتيجة أنه سيرجع النصارى إلى نقطةٍ أبعد من التي كانوا عليها قبل نصف قرن من الزمان . ولذا مرقس عزيز لا يصلح كبديل لبطرس ، ولذا مرقس عزيز فرصة ثمينة فرحت شخصياً بها . !!
محمد جلال القصاص
ظهر الثلاثاء 18/5/2010
mgelkassas@hotmail.com