صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > إسلاميات > أبواب الدعوة > خطب إسلامية

خطب إسلامية من خطب الدعاة وعلماء الدين والشيوخ الصالحين

خطبة دعوية حول زهد النبي صل الله عليه وسلم

زهد النبي صل الله عليه وسلم في الدنيا 24/3/1414 هـ أما بعد : أيها المسلمون .. دعونا نعيشُ هذه الساعة بين صفوة الأمة وقادتها وأئمتها وخلاصتها .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-04-2013 ~ 12:20 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي خطبة دعوية حول زهد النبي صل الله عليه وسلم
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


زهد النبي صل الله عليه وسلم في الدنيا
24/3/1414 هـ
أما بعد : أيها المسلمون ..
دعونا نعيشُ هذه الساعة بين صفوة الأمة وقادتها وأئمتها وخلاصتها .
بين النبي الكريم وتلاميذه النجباء .
يا ترى كيف كانت حياتهم ؟ وأي عيشة كانت عيشتهم ؟ هل سكنوا القصور أم تطاولوا في الدور أم تنافسوا في صفوف المراكب والحلل ؟
كل هذا سيحدثنا عنه من رآهم وصحبهم وسار على نهجهم .
لنصغ بأسماعنا إلى أبي هريرة t وهو يحدثنا بهذه القصة العجيبة فيقول :
خرج رسول الله e ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقال : "ما أخرجكما من بيوتكم هذه الساعة ؟ قالا: الجوع يا رسول الله قال: وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما .. ثم قال : قوما، فقاما معه، فأتى رجلاً من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته المرأة قالت: مرحباً وأهلاً، فقال لها رسول الله e أين فلان؟ قالت: ذهب ليستعذب لنا الماء، إذ جاء الأنصاري، فنظر إلى رسول الله e وصاحبيه ثم قال الحمد لله، ما أحدٌ اليوم أكرم أضيافاً مني، فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب، فقال: كلوا، وأخذ المديه، فقال لـه رسول الله e : إياك والحلوب، فذبح لهم، فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا، فلما شبعوا ورووا قال رسول الله e لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ((والذي نفسي بيده لتُسْألُن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع ، ثم لترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم)) رواه مسلم .
وهذا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يحدثنا بحادثة أخرى .
قال جابر: إنا كنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة فجاءوا إلى النبي e فقالوا : هذه كدية عرضت في الخندق، فقال : أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقاً فأخذ النبي e المعول فضرب، فعاد كثيباً أهيَل أو أهيَم، فقلت يا رسول الله ائذن لي إلى البيت، فأتيت البيت فقلت لامرأتي : رأيت بالنبي e شيئاً ما في ذلك صبر، فهل عندك شيء ؟ فقالت عندي شعير وعناق، فذبحت العناق وطحنت الشعير حتى جعلنا اللحم في البُرمة ثم جئتُ النبي e والعجين قد انكسر والبرمة بين الأثافي قد كادت تنضج فقلت : يا رسول الله طُعيّم لي، فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان، قال: كم هو ؟ فذكرت لـه فقال "كثير طيب" قل لامرأتك لا تنزع البرمة، ولا الخبز من التنور حتى آتي، فقال لمن حول الخندق : قوموا فقام المهاجرون والأنصار فدخلت عليها فقلت: ويحك جاء النبي e والمهاجرون والأنصار قالت: هل سألك ؟ قلت: نعم، فأتوا البيت فقال لهم صلى الله عليه وسلم : ادخلوا ولا تضاغطوا فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللحم، ويخمّر البرمة والتنور يأخذ من الطعام ويقرب إلى أصحابه ثم ينزع، فلم يزل يكسر ويغرف حتى شبعوا وبقي منه، فقال كلى وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة" متفق عليه .
ولننتقل إلى بيته e ففي الصحيحين عن عروة بن الزبير عن خالته عائشة رضي الله عنها قالت والله يا ابن أختي إن كنّا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في أبيات رسول الله e نار، قلت : يا خالة فما كان يعيشكم ؟ قالت الأسودان: التمر والماء !!
يا لها من عيشة ما عرفت الترف وما دنستها آفات البطر والسرف .. رسول الأمة صلى الله عليه وسلم ووزيراه يخرجون من بيوتهم لأنهم لم يجدوا فيها طعاماً !!
ضاقت بهم بيوتهم إذ لم يجدوا فيها ما يقوتهم .
يدخل عمر t ذات يوم على رسول الله e فإذا هو على حصير ، قال عمر : فجلست فإذا رسول الله عليه الصلاة والصلام عليه إزاره وليس عليه غيره وإذا الحصير قد أثر في جنبه، وإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع في ناحية الغرفة وإذا أهاب معلق فابتدرت عيناي فقال : ما يبكيك يا ابن الخطاب ؟ فقال يا بني الله : ومالي لا أبكي ؟ وهذا الحصير قد أثر في جنبك وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى ، وذاك كسرى وقيصر في الثمار والأنهار وأنت نبي الله وصفوته وهذه خزانتك ؟ قال يا ابن الخطاب أما ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا ؟
لقد عرف أولئك مقدار الدنيا وأنها عرض زائل وأيام قلائل، فأثروا عليها الباقية والسعيد من اختار باقية يدوم نعيمها على بالية لا ينفد عذابها .
إن لله عباداً فطناً طلقوا الدنيا وخانوا الفتنا
فكروا فيها فلما علموا أنها ليست لحي سكنها
تركوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا
يا من عمر دنياه ودمر أخراه قف قليلاً وتساءل : أرضيت بستين أو سبعين سنة تعيشها في سعادة تظنها يعقبها العذاب الأبدي .
اعلم أرشدك الله وسددك أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة .
جناح بعوضة ؟ لم يقل إنها لا تساوي بعوضة كاملة؟ لأنها أحقر من تقارن ببعوضة كاملة.
وفي صحيح مسلم عن المستورد بين شراء مرفوعاً (والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بما يرجع)
انظر إلى الدور، انظر إلى القصور، انظر إلى السيارات وإلى التجارات بل وإلى الدنيا بأسرها فما هي في الآخرة إلى متاع.
عجباً لك يا ابن آدم، علمت أنها دنياً فانيةٌ مليئةٌ بالنكد والكبد ومع ذلك أفنيت عمرك في جمعها وأصبحت شغلك الشاغل ويا ليتها أبقت منك للآخرة نصيباً بل امتلكت عليك قلبك وشغلت أوقاتك ولم تبال في سبيل التمتع بها أحلال هي أم حرام .
لكن ذا الإيمان يعلم أنها *** ذا كالضلال وكل هذا فان
وإذا أردت ترى حقيقتها فخذ *** منه مثالاً واحداً ذا شان
أدخل بجهدك أصبعاً في اليم وانـ *** ظر ما تعلقه إذاً بعيان

هذا هو الدنيا كذا قال الرسول *** ممثلاً والحق ذو تبيان
فكن يا هذا على حذر وتقلل من الدنيا واستعدَّ للآخرة، فإنما أنت سائر في طريق ذي شعب فاجهد في سلوك أقربها إلى النجاة (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)

ثم لنستمع لنداء ربنا تبارك وتقدس (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ، سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)


بارك الله لي ولكم ...


الخطبة الثانية:

أما بعد:

قد يقول قائل : إنني أحب أن ألحق بركب الصالحين وأسأل الله مجاورتهم في الجنة، لا بد أن أسلك مسالكهم وأن أسير على منهاجهم .

يا ترى ما العمل ؟؟ كيف اللحوق بهم وكيف الوصول إليهم ؟؟

قال قائل : سأبيع سيارتي واشتري بغلة، وسأطلق زوجتي وأتفرغ للعبادة وسأتصدق ببيتي وأسكن خيمة في الصحراء .

قف يا هذا ليس الزهد هكذا وما كان دين الله ليشق على أحد قط ، وأهل العلم لما وعضوا قارون قالوا لـه (ولا تنس نصيبك من الدنيا) .

لا حرج في طيب المأكل والمشرب واللباس بل وفي جمع المال إذا جمعته من حلال وأنفقته في حلال وأديت حق الله فيه ، ولا حرج في التمتع بالطيبات إذا حفظت حدود الله وأديت فرائضه واجتنبت ما يغضبه.

فإذا آمنت بالله وأحللت الحلال وحرمت الحرام فافعل بعد ذلك ما شئت (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (المنافقون:9).

أيها المسلمون: إننا نرى كثيراً من الناس وهم عن الآخرة غافلون وفي الدنيا لاهون لاعبون، وإن الغفلة عن الله والدار الآخرة لداء تفشى بين الناس حتى لم يسلم منه إلا القليل، وها أنا أسوق إليك شيئاً من الأدوية لهذا الداء على دواءً أن يكون نافعاً وعلاجاً أن يكون ناجعاً.

فمن ذلك: ما أرشدنا إليه حبيبنا e فيما رواه الشيخان "إذا نظر أحدكم إلي من فُضّل عليه في المال والخلْق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل عليه". وفي رواية "انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم"

قال عوف بن عبد الله: صحبتُ الأغنياء لم أر أحداً أكبر هماً مني، أرى دابة خيراً من دابتي وثوباً خيراً من ثوبي، وصحبت الفقراء فاسترحت .

ومن ذلك استدامة تذكر آلاء الله على العبد ومحاولة شكرها بكل مستطاع

ومن ذلك الإكثار من تلاوة كتاب الله وإنه والله لخير تذكرة لمن أراد التذكرة (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (قّ:37).

ومن ذلك تذكر الموت فمن تذكر أنه عما قليل سيموت فلن يغفل عن طاعة ربه ولن يجترئ على معصيته .

ومنها قاصمة الظهر والداعية إلى شدة الفرق إنها تذكر بأس الله، تذكر أن بأس الله شديد، إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ((وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة، إن أخذه أليم شديد))

وإن أعرضت عن ذكر الله يا عبدالله فانتظر العاقبة (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طـه:124)

واعلم أنك إن غفلت عن الله فليس الله بغافل عنك (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) (ابراهيم:42)،

(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)

فالإنابة إلى الله الإنابة والأبة الأوبة قبل مفاجأة الأجل ..

اللهم ارزقنا قلوباً خاشعة ونفوساً لك خاضعة وعيوناً من خشيتك دامعة .

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

عباد الله : إن الله وملائكته يصلون على النبي...



(( تمت ))




المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رضاعه النبي صل الله عليه وسلم نور الإسلام هدي الإسلام 0 03-05-2013 11:41 AM
خطبة دعوية حول حقوق النبي محمد عليه السلام نور الإسلام خطب إسلامية 0 26-04-2013 12:30 PM
هل أنت تحب النبي صلى الله عليه وسلم مزون الطيب هدي الإسلام 0 02-02-2012 03:01 PM
من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم : الصلاة والسلام عليه مزون الطيب هدي الإسلام 0 02-02-2012 02:56 PM
محبة النبي- صلى الله عليه وسلم- مزون الطيب هدي الإسلام 0 02-02-2012 02:55 PM


الساعة الآن 03:28 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22