صفوان الخزرجي

العودة   طريق الخلاص > الأخبار والمقالات > المقالات

التنصير القصري

التنصير القهري: لقد شاء الله أن أستمع فى حياتى الطويلة إلى قصص عن التنصير القهري من أفواه ضحاياه المسلمين فى جزر الفلبين .. و من مسلمى البوسنة والهرسك وكوسوفا وصربيا،

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-11-2015 ~ 04:37 PM
نور الإسلام غير متواجد حالياً
افتراضي التنصير القصري
  مشاركة رقم 1
 
الصورة الرمزية نور الإسلام
 
مدير عام
تاريخ التسجيل : Jan 2012


التنصير, القصري

التنصير القهري: لقد شاء الله أن أستمع فى حياتى الطويلة إلى قصص عن التنصير القهري من أفواه ضحاياه المسلمين فى جزر الفلبين .. و من مسلمى البوسنة والهرسك وكوسوفا وصربيا، ومن الاتحاد السوفياتى.. وسمعت كثيرا من رجال ونساء يخفون إيمانهم بالاسلام، خشية التنكيل بهم وبأسرهم ، فى: ألمانيا واستراليا و فى مصر..! كلها قصص مأساوية .. ولكنها لاتبلغ فى بشاعتها ما أوْرده العالم السوريّ المولد الشيخ على الطنطاوي فى كتاب له بعنوان: "محمد الصغير" ؛ قصة منقولة من مصدرها الأصلى على لسان صاحبها المسلم الأندلسي، وقد كان شاهد عيان على محاكم التفتيش التى أقيمت للمسلمين فى الأندلس ، وكانوا يمارسون شعائر دينهم فى غرف مظلمة بمنازلهم بعيدًا عن أعين الرقباء .. يروى القصة بطلها محمد الصغير فيقول:
"كنت يومئذ صغيرا لا أفقه شيئا مما كان يجري في الخفاء. ولكني كنت أجد أبي رحمه الله، يضطرب ويصفَرُّ لونه كلما عدت من المدرسة فتلوت عليه ما حفظت من "الكتاب المقدس" أو أخبرته بما تعلمت من اللغة الإسبانية، فيتركني ويمضي إلى غرفته التي كانت في أقصى الدار، والتي لم يكن يأذن لأحد بالدُّنُـوِّ من بابها، فيلبث فيها ساعات طويلة لا أدري ما يصنع فيها، ثم يخرج منها مُحمرّ العينين كأنه كان يبكى بكاءً طويلا.. ويبقى أياما ينظر إلىَّ بلهفة وحزن ويحرك شفتيه، فِعْلَ من يهمّ بالكلام.. فإذا وقفت مصغيا إليه أدار ظهره وانصرف عني من غير أن يقول شيئا. وكانت أمي تشيّعني كلما ذهبتُ إلى المدرسة حزينة دامعة العين، وتقبّلني بشوق وحرقة، ثم لا تشبع مني، فتدعوني فتقبلني مرة ثانية، ولا تفارقني إلا باكية، فأحس نهاري كله بحرارة دموعها على خدي، فأعجب من بكائها ولا أعرف له سببا.. ثم إذا عدت من المدرسة استقبلتني بلهفة واشتياق كأني كنت غائبا عنها أعوامًا..
كنت أرى والديّ يبتعدان عني، ويتكلمان همسا بلغة غير اللغة الإسبانية لا أفهمها.. فإذا دَنَوْتُ منهما قطعا الحديث وحوّلاه، وأخذا يتكلمان بالإسبانية، فأعجب وأتألم، وتُساورنى الظنون.. حتى إني لأحسب أني لست ابنهما، وأني لقيط جاءا به من الطريق، فيشْتدّ ألمى، فآوي إلى ركن منعزل بالدار ، فأبكي بكاءً مرًّا.
وتوالت عليّ الآلام فأورثتني مِزاجا خاصا يختلف عن أمزجة الأطفال الذين كانوا في مثل سني، فلم أكن أشاركهم في شيء من لعبهم ولهوهم، بل أَعْتزِلُهم وأذهب فأجلس وحيدا أضع رأسي بين كفّيّ، وأستغرق في تفكيري، أحاول أن أجد حلا لهذه المشكلات حتى يجذبني الخورى من قميصي لأذهب إلى الصلاة في الكنيسة..
و قد حدث أن ولدت أمي طفلا، فلما بشّرت أبي بأنها قد جاءت بصبي جميل لم يبتهج، ولم تَلُحْ على شفتيه ابتسامة، ولكنه قام بجر رجليه حزينا ملتاعا، فذهب إلى الخوري، فدعاه ليعمّد الطفل.. وأقبل يمشي وراءه، وهو مطرق برأسه إلى الأرض، وعلى وجهه علائم الحزن المبرح واليأس القاتل، حتى جاء به إلى الدار ودخل به على أمي، فرأيت وجهها يشحب شحوبا هائلا، وعينيها تشخصان، ورأيتها تدفع إليه بالطفل خائفة حذرة، ثم تغمض عينيها.. فحِرت في تعليل هذه المظاهر، وازددت ألما على ألمي..
حتى إذا كانت ليلة عيد الفصح، وكانت غرناطة غارقة في النور، والحمراء تتلألأ بالمشاعل والأضواء، والصلبان تومض على شرفاتها ومآذنها، دعاني أبي في جوف الليل، وأهل الدار كلهم نيام، فقادني صامتا إلى غرفته.. إلى حرمه المقدّس، فخفق قلبي خفوقا شديدا واضطربتُ، لكني تماسكت وتجلّدت..
فلما توسّط بي الغرفة أحكم إغلاق الباب، وراح يبحث عن السراج، وبقيت واقفا في الظلام لحظات كانت أطول عليّ من أعوام، ثم أشعل سراجا صغيرا كان هناك، فتلفتُّ حولي فرأيت الغرفة خالية ليس فيها شيء مما كنت أتوقع رؤيته من العجائب، ما كان فيها إلا بساط وكتاب موضوع على رف، وسيف معلق بالجدار.. فأجلسني على هذا البساط، ولبث صامتا ينظر إليّ نظرات غريبة اجتمعت عليَّ هي ورهبة المكان وسكون الليل، فشعرت كأني انفصلت عن الدنيا التي تركتها وراء هذا الباب، وانتقلت إلى دنيا أخرى لا أستطيع وصف ما أحسست به منها.. ثم أخذ أبي يديَّ بين يديه بحنوّ وعطف، وقال لي بصوت خافت:
يا بني، إنك الآن في العاشرة من عمرك، وقد صرت رجلا.. وإني سأطلعك على السر الذي طالما كتمْتُه عنك.. فهل تستطيع أن تحتفظ به في صدرك، وتحبسه عن أمك وأهلك وأصحابك والناس أجمعين..؟؟ إن إشارة منك واحدة إلى هذا السر تعرّض أباك لعذاب الجلادين من رجال ديوان التفتيش . فلما سمعت اسم ديوان التفتيش ارتجفتُ من مَفْرِق رأسي إلى أَخْمَص قدمي.. لقد كنت صغيرا حقا، ولكني أعرف ما هو ديوان التفتيش، وأرى ضحاياه كل يوم، وأنا غادٍ إلى المدرسة ورائحٌ منها ـ فمن رجال يُصْلَبون أو يُحْرَقون، ومن نساء يعلَّقْن من شعورهن حتى يمتن أو تُبْقَر بطونهن، فسكتُّ ولم أجب.. فقال لي أبي: مالك لاتجيب..؟ أتستطيع أن تكتم ماسأقوله لك..؟؟ قلت: نعم قال: تكتمه حتى عن أمك وأقرب الناس إليك..؟؟ قلت: نعم... قال:
اقترب مني.. وأرْهفْ سمعك جيدا، فإني لا أقدر أن أرفع صوتي ؛ أخشى أن تكون للحيطان آذان فَتَشِيَ بى لدى ديوان التفتيش، فيحرقوني حيا.. فاقتربت منه وقلت له: إني مُصْغٍ يا أبتِ.. فأشار إلى الكتاب الذي كان على الرف وقال: أتعرف هذا الكتاب يا بنيّ..؟؟ قلت: لا.. قال: هذا كتاب الله. قلت: الكتاب المقدس الذي جاء به يسوع بن الله..!؟
فاضطرب وقال: كلا، هذا هو القرآن الذي أنزله الله، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، على أفضل مخلوقاته، وسيد أنبيائه، سيدنا محمد بن عبد الله.. النبي العربي صلى الله عليه وسلم.. ففتحت عينيَّ من الدهشة، ولم أكد أفهم شيئا.
قال: هذا كتاب الإسلام.. الإسلام الذي بعث الله به محمدا إلى الناس كافة، فظهر هناك وراء البحار والبوادي في الصحراء البعيدة القاحلة، في مكة.. في قوم بُداةٍ مختلفين مشركين جاهلين، فهداهم به إلى التوحيد، وأعطاهم به الاتحاد والقوة.. والعلم والحضارة، فخرجوا يفتحون به المشرق والمغرب، حتى وصلوا إلى هذه الجزيرة، إلى إسبانيا، فعدلوا بين الناس، وأحسنوا إليهم، وأمّنوهم على أرواحهم وأموالهم، ولبثوا فيها ثمانمائة سنة.. ثمانمائة سنة.. جعلوها أرقى وأجمل بلاد الدنيا.. نعم يا بني نحن العرب المسلمين.
لم أملك لساني من الدهشة والعجب والخوف، وصحت به: ماذا..؟ نحن..؟ العرب المسلمين..؟ قال: نعم يا بني.. هذا هو السر الذي سأفضي به إليك.. نعم نحن.. نحن أصحاب هذه البلاد.. نحن بنينا هذه القصور التي كانت لنا فصارت لعدونا.. نحن رفعنا هذه المآذن التي كان يرتفع فيها صوت المؤذن.. فصار يُقرع فيها الناقوس.. نحن أنشأنا هذه المساجد التي كان يقوم فيها المسلمون صفوفَا بين يدي الله، وأمامهم الأئمة يتلون في المحاريب كلام الله، فصارت كنائس يقوم فيها القساوِسةُ والرهبان يرتِّلون فيها الإنجيل.
نعم يا بني، نحن العرب المسلمون، لنا في كل بقعة من بقاع إسبانيا أثر، وتحت كل شبر منها رفاتِ جَـدٍّ من أجدادنا، أو شهيد من شهدائنا.. نعم نحن بنينا هذه المدن.. نحن أنشأنا هذه الجسور.. نحن مهّدنا هذه الطرق.. نحن شققنا هذه الترع.. نحن زرعنا هذه الأشجار.
ولكن منذ أربعين سنة.. أسامع أنت..؟؟ منذ أربعين سنة.. خُـدِع الملك البائس أبو عبد الله الصغير، آخر ملوكنا في هذه الديار، بوعود الإسبان وعهودهم، فسلمهم مفاتيح غرناطة، وأباح لهم حِمَى أمّته ومدافن أجداده، وأخذ طريقه إلى بـرّ المغرب ليموت هناك وحيدا فريدا شريدا طريدا.. وكانوا قد تعهدوا لنا بالحرية والعدل والاستقلال، فلما ملكوا خانوا عهودهم كلها، فأنشأوا ديوان التفتيش، فأُدْخِلْنا في النصرانية قسرا، وأُجْبِرْنا على ترك لغتنا إجبارا، وأخذوا منا أولادنا لينشّئوهم على النصرانية.. فذلك سر ما ترى من استخفائنا بالعبادة، وحزننا على ما نرى من أمتهان ديننا، وتكفير أولادنا...!
أربعون سنة يا بني، ونحن صابرون على هذا العذاب الذي لا تحتمله جلاميد الصخر، ننتظر فرج الله، لا نيأس لأن اليأس محرم في ديننا، دين القوة والصبر والجهاد.. هذا هو السر يا بني فاكْتمه، واعلم أن حياة أبيك معلقة بشفتيك، ولست والله أخشى الموت أو أكره لقاء الله.. ولكني أحب أن أبقى حيا حتى أعلّمك لغتك ودينك وأنقذك من ظلام الكفر إلى نور الإيمان، فقم الآن إلى فراشك يا بني.
صرت من بعد ذلك كلما رأيت شُرَفَ الحمراء أو مآذن غرناطة تعروني هزة عنيفة، وأحس بالشوق والحزن، والبغض والحب، يغمر فؤادي. وكثيرا ما ذهلت عن نفسي ساعات طويلة، فإذا تنبهت أطوف بالحمراء وأخاطبها وأعاتبها وأقول لها: أيتها الحمراء، أيتها الحبيبة الهاجرة، أنسيت بُناتَك وأصحابك الذين غذَّوْكِ بأرواحهم ومُهَجِهم، وسقَـوْكِ دماءهم ودموعهم، فتجاهلتِ عهدهم وأنكرتِ وُدّهم..؟
أنسيتِ الملوك الصِّيد الذين كانوا يجولون في أبهائك، ويتكئون على أساطينك، ويفيضون عليك ما شئت من المجد والجلال، والأبهة والجمال، أولئك الأعزّة الكرام الذين إن قالوا أصْغت الدنيا، وإن أمروا لبّى البشر..؟ أألفْتِ النواقيس بعد الأذان..؟ أرضيتِ بعد الأئمة بالرهبان؟!
ثم أخاف أن يسمعني بعض جواسيس الديوان، فأسرع الكرّة إلى الدار لأحفظ درس اللغة العربية، الذي كان يلقيه عليّ أبي، وكأني أراه الآن يأمرني أن أكتب له الحرف الأعجمي، فيكتب لي حذاءه [ يعنى بجانبه] الحرف العربي، ويقول لي: هذه حروفنا.. ويعلمني النطق بها ورسمها، ثم يلقي عليّ درس الدين، ويعلمني الوضوء والصلاة لأقوم وراءه نصلي خفية في هذه الغرفة الرهيبة.. وكان الخوف من أن أزلّ فأفشي السر لا يفارقه أبدا.. وكان يمتحنني فيدسّ أمي إليّ فتسألني: ماذا يعلمك أبوك؟ فأقول: لاشيء.. فتقول: إنْ عندك نبأ مما يعلمك، فلا تكتمه عني. فأقول: إنه لا يعلمني شيئا.
حتى أتقنتُ العربية، وفهمت القرآن، وعرفت قواعد الدين، فعرّفني بأخٍ له في الله، نجتمع نحن الثلاثة على عبادتنا وقرآننا. واشتدت بعد ذلك قسوة ديوان التفتيش، وزاد في تنكيله بالبقية الباقية من العرب..
فلم يكن يمضي يوم لا نرى فيه عشرين أو ثلاثين مصلوبا، أو مُحرقا بالنار حيا، ولا يمضي يوم لا نسمع فيه بالمئات يعذبون أشد العذاب وأفظعه، فتقلع أظافرهم، وهم يرون ذلك بأعينهم، ويُسْقَوْن الماء حتى تنقطع أنفاسهم، وتُكوى أرجهلم وجنوبهم بالنار، وتُقطع أصابعهم وتُشوى وتُوضع في أفواههم، ويُجلدون حتى يتناثر لحمهم..
واستمر ذلك مدة طويلة، فقال لي أبي ذات يوم: إني أحس يا بني كأن أجلي قد دنا، وإني لأهوى الشهادة ، لعل الله يرزقني الجنة ، ولم يبق لي مأْرب في الدنيا بعد أن أخرجتك من ظلمة الكفر، وحمّلتك الأمانة الكبرى، التي كدت أهوي تحت أثقالها.. فإذا أصابني أمر ، فأطِعْ عمك هذا ولا تخالفه في شيء..
ومرّت على ذلك أيام ..
ثم كانت ليلة سوداء، عندما جاء عمي هذا يأمرني أن أذهب معه، فقد يسّر الله لنا سبيل الفرار إلى المغرب بلد المسلمين فأقول له: وأبي وأمي..؟ فيعنُفُ عليّ ويشدُّني من يدي ويقول لي: ألم يأمرك أبوك بطاعتي..؟ فأمضي معه صاغرا كارها ، حتى إذا ابتعدنا عن المدينة وشمِلَنا الظلام، قال لي: اصبر يا بُنيّ، فقد كتب الله لوالديك المؤمنيْن السعادة على يد ديوان التفتيش."...!
يخلص الغلام إلى بر المغرب ويكون منه العالم المُصَنِّف سيدي محمد بن عبد الرفيع الأندلسي، وينفع الله به وبتصانيفه...
انتهت قصة محمد الصغير كما أوردها الشيخ على الطنطاوى فى كتابه... لا ليستدرّ بها الدموع إنما ليحذر المسلمين اليوم من مصير تدبّره لهم عصابات السوء .





منقول أ. محمد يوسف عدس
المصدر: طريق الخلاص


  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
التنصير, القصري


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التنصير في السودان نور الإسلام المقالات 0 30-06-2014 03:05 PM
التنصير في الشرق الأوسط نور الإسلام المقالات 0 03-06-2014 12:14 PM
التنصير في موريتانيا نور الإسلام نصرانيات 0 05-05-2013 06:01 PM
أفغانستان على شفا هوة التنصير مزون الطيب المقالات 0 02-03-2012 07:27 PM
أوكار التنصير نور الإسلام هدي الإسلام 0 22-02-2012 11:28 AM


الساعة الآن 02:30 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22